يبدي الفلسطينيون وبالتحديد سلطة الرئيس محمود عباس قلقا متزايدا إزاء التطورات السياسية التي تحدث داخل إسرائيل، والتي قد تعجل برحيل رئيس الوزراء الحالي ايهود أولمرت. وقد اعترف المفاوض الفلسطيني صائب عريقات صراحة بأن الجانب الفلسطيني يشعر بقلق على مستقبل المحادثات التي بدأت في نوفمبر الماضي.. ورغم أن عباس "أبو مازن" علق على ما يحدث بالقول إنه "شأن إسرائيلي داخلي"،إلا أن عديدا من المراقبين لا يستبعدون أن تؤثر هذه الأزمة على فرص التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين هذا العام. * وضمن سياسة المناورة في آخر لحظة، دعا أولمرت الى لقاء قمة عاجل مع محمود عباس يوم الاثنين القادم، لبحث أمر المفاوضات السياسية.. وجاء ذلك، بينما أكد مسؤولون إسرائيليون أن المفاوضات بين رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني احمد قريع ووزيرة خارجية إسرائيل ليفني تراوح مكانها دون إحراز أي تقدم، مشيرين الى أن اولمرت لا يملك الصلاحية الأخلاقية لتوقيع اتفاق صلح مع أبو مازن وليفني لا تملك الصلاحية القانونية لعمل ذلك.. * من جانبها، الإدارة الأمريكية تتمسك بحليفها ايهود أولمرت، رغم قضية الفساد التي تهدد مستقبله السياسي، حيث تنوي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس فعلا العودة الى المنطقة في مستقبل قريب.. * وفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي ثقة حزبه "كاديما" وثقة الرأي العام بسبب قضية الفساد التي تلاحقه.. وبحسب استطلاعات الرأي، فإن 70 % من الإسرائيليين يؤيدون استقالة أولمرت. وفي المقابل يرغب 62 % من الأشخاص في تنظيم انتخابات مبكرة، في حين يدعو 25 % إلى تشكيل حكومة جديدة دون حل الكنيست "البرلمان". * وبينما تستعد الأحزاب السياسية الإسرائيلية لانتخابات مبكرة قبل نهاية العام، بدأت داخل حزب "كاديما" بالفعل معركة الخلافة بعد أن طرح بعض القادة فكرة إجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب في الأشهر القادمة، لاختيار زعيم جديد يحل محل أولمرت. * وتدور المنافسة بشكل أساسي بين وزيرة الخارجية تسيبي ليفني التي تحظى بمكانة كبيرة لدى الرأي العام، لكنها تفتقد إلى دعم الجهاز الحزبي وبين وزير النقل شاوول موفاز المدعوم من اولمرت والذي ينتمي إلى التيار اليميني للحزب. * وقد تحدت تسيبي ليفني أولمرت صراحة الخميس، بالدعوة إلى إجراء انتخابات تمهيدية للحزب، متهمة ضمنا رئيس الحكومة بانتهاك "القواعد الأخلاقية" التي يجب أن يتقيد بها المسؤولون السياسيون، على حد قولها. في المقابل اتهم موفاز، رئيس الأركان السابق، غريمته ب "عقد تحالفات" للإطاحة برئيس الوزراء والتنسيق بشكل غير مباشر مع حزب العمل.. وكان زعيم حزب العمل ايهود باراك قد دعا الأربعاء رئيس الوزراء إلى التخلي عن مهامه وإلا، فإن حزبه قد يتسبب في حل البرلمان وفي إجراء انتخابات تشريعية مبكرة. ويشغل حزب العمل الذي يعتبر أبرز حليف لكاديما في الائتلاف الحكومي 19 مقعدا في البرلمان من 120. * وجدد باراك حملته الخميس، قائلا "على رئيس الحكومة وحزبه أن يتخذا قرارات. إذا لم يفعلا ذلك، سنقوم به بدلا عنهما.." * وقد يضطر أولمرت إلى الاستقالة من الحكومة إذا تم توجيه الاتهام إليه في قضية الفساد التي تلاحقه. وكثرت التكهنات حول توجيه مثل هذا الاتهام بعد الشهادة التي أدلى بها الثلاثاء، رجل الأعمال الأمريكي الإسرائيلي موريس تالانسكي الذي أكد انه دفع لأولمرت حوالي 150 ألف دولار نقدا خلال 15 عاما.. وحتى الآن لم يبد أولمرت أي نية في الانسحاب، وهو ينفي تقاضيه أموالا غير مشروعة ويرفض التخلي عن منصبه كرئيس للحكومة طالما لم يوجه إليه اتهام رسمي. * وتشير الصحف الإسرائيلية إلى أن ايهود أولمرت ومن وراء الكواليس يحاول "بلورة اتفاق مع أعضاء حزبه يقضي بأن يبقى في منصبه ما دام يواصل مساعيه من أجل إثبات براءته وتحديد موعد متفق عليه لإجراء انتخابات مبكرة داخلية وتسليم رئاسة الحزب، لكن ليس لتسيبي ليفني وزيرة الخارجية. * وفي هذا الضباب السياسي الشيء الوحيد المؤكد وفقا لاستطلاع الرأي، هو فوز اليمين بقيادة زعيم حزب الليكود رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتانياهو في حال إجراء انتخابات مبكرة. والى استطلاع جديد نشرته الجمعة، صحيفة معاريف سيضاعف الليكود ثلاث مرات تقريبا تمثيله البرلماني بحصوله على أكثر من 30 من مقاعد الكنيست ال 120، كما سيكون بإمكانه الاعتماد على تحالف يضم ما بين 64 و70 نائبا. وأكد نتانياهو الخميس، في اجتماع عام معارضته لانسحاب من هضبة الجولان، في الوقت الذي تجري فيه حكومة أولمرت مفاوضات غير مباشرة مع سوريا تحت رعاية تركيا للتوصل إلى اتفاق على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام..