افتتحت السلطات اليمنية مؤخرا بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي في محافظة حجة مخيم المزرق 2 والذي يشمل على ألف خيمة تستوعب 7 آلاف نازح تم نقل حوالي 500 أسرة نازحة من المخيم الأول إليه (مخيم المزرق1) وتتوفر فيه جميع الخدمات الأساسية بما فيها الطبية والتعليمية ومطبخ مركزي يوفر أكثر من 20 ألف وجبة يوميا لسكان المخيم. * فرحة ساكني هذا المخيم لا يمكن أن يحسدهم عليها احد، فبعضهم يعتبر هذا العيد لهم هو الأول في هذا المخيم، والبعض الآخر -وهم الأغلبية- تمر عليهم هذه المناسبة للمرة الثانية بعد أن نزحوا في بداية الحرب. * "الشروق اليومي" التي عاشت مع النازحين احد أيام عيد الأضحى المبارك لمست شكاوي كثيرة من بعضهم حول تأخر المعونات والمواد الغذائية والأدوية، ولكنهم في كل الأحوال أفضل حالا من حالة التشرد والضياع والقتل، هذا ما يؤكده محمد الشيباني أحد النازحين والساكنين في هذا المخيم. * ويشير نسيم الرحمان الناطق باسم منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) إلى أن التحديات التي تواجهها الحكومة ومنظمات الإغاثة العاملة في إدارة مخيمات النازحين في شمال اليمن تشمل انعدام الأمن وغياب البنية التحتية الأساسية وتزايد أعداد النازحين. * وأوضح الناطق باسم المفوضية في جنيف اندريج ماهيسيك أن ما بين 10 و15 أسرة تصل إلى المخيم يوميا، وأجبر العدد المتزايد للنازحين الحكومة على التفكير في إقامة مخيمات جديدة لإيوائهم، خصوصا في ظل اضطرار الأسر التي أوت إلى المدارس في محافظتي حجة وعمران إلى مغادرتها بحلول العام الدراسي، ووفقا لأحدث تقرير عن الوضع من مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فإن المخيمات الأربعة المتوفرة للنازحين في المنطقة تأوي 13.700 نازح، في حين أن منظمات الأممالمتحدة قامت بتسجيل ما مجموعه 42.740 نازح معظمهم ليسوا في المخيمات. * * ثلاث جبهات * في الحروب الخمسة الماضية كانت المعارك تدور في إطار جغرافي محدود ما عدا الخامسة حيث دخلت جبهة بني حشيش بمحافظة صنعاء على الخط، لكن ما يميز الحرب السادسة الدائرة حاليا أنها تدور في أكثر من محافظة وعلى أكثر من جبهة، هناك جبهة حرف سفيان في محافظة عمران وفي محافظة صعدة يوجد جبهتان الأولى في مركز المحافظة (مديرية صعدة) والثانية في منطقة الملاحيظ (مديرية الظاهر) غرب المحافظة. * * الحرب لم تبدأ بعد * محافظة صعدة يوجد بها 15 مديرية ويحدها جنوبا وشرقا محافظات حجة وعمران والجوف، وشمالا المملكة العربية السعودية، وكما ذكرت سابقا فالحرب فيها تتركز في منطقتين هما (الملاحيظ وصعدة) وغالبية المديريات تتم فيها بعض المناوشات وحروب العصابات التي تعتمدها جماعة الحوثي القائمة على الكر والفر، لكن الملفت للنظر وحسب ما أكده لي خبير عسكري، أن المعركة لم تبدأ بعد، وأنها تتم في مديريات ومناطق لا تشكل العمق الحقيقي والاستراتيجي لتواجد الحوثيين، وأن منطقتي (مطرة والنقعة) لم تطلهما الحرب بعد. * وحسب تأكيدات عدد من النازحين للجريدة فالقيادة الفعلية للحوثيين تتواجد في هاتين المنطقتين اللتين تتميزان بتضاريسهما الصعبة وجبالهما الوعرة، وأن هذه القيادات تنتقل بين فترة وأخرى إلى جبهات القتال للإشراف الميداني على المواجهات مع الجيش. * * حرب عصابات * عند زيارتي لمخيم (المزرق 2) في محافظة حجة سمعت أن هناك عمليات تمشيط وتتبع للجيش اليمني ضد قوات الحوثيين في منطقة الملاحيظ بمحافظة صعدة القريبة من المخيم وبمساعدة رجال القبائل في المنطقة الحدودية الفاصلة بين المحافظتين استطعت -وبطريقة ما لم تخلِ من المخاطرة- حضور إحدى هذه العمليات في منطقة الملاحيظ بمحافظة صعدة وهي المنطقة التي توجد بها إحدى أشرس مناطق القتال والتي تتركز في قرى (غمر، المنزلة، الجرائب، جبل الخزان) والملاحيظ التي تقع غرب صعدة قرب الحدود مع السعودية يخوض فيها الحوثيين حربا على جبهتين، فالطيران والمدفعية السعودية تقصفان مواقعهم من الشمال والغرب والجيش اليمني يحاصرهم بالمدفعية وصواريخ الكاتيوشا من الجنوب ويقوم بين فترة وأخرى بعمليات تمشيط للمواقع والأماكن التي يفر منها الحوثيين. * أحد أبناء المنطقة وهو برتبة عقيد في الجيش اليمني رافقني في رحلتي هذه، حكى لي قصصا كثيرة عن معاركهم المتواصلة مع الحوثيين، وعندما سألته عن سبب عدم قدرتهم في حسم المعركة بعد مرور عدة أشهر منذ بدئها قال: نحن نحارب عصابات تقود حروب كر وفر، وهذه العصابات عبارة عن مجموعات متفرقة، والمجموعة الواحدة مكونة من اثنين إلى خمسة اشخاص وهم يتنقلون بسرعة وخفة، ومن الصعوبة بمكان تتبع مثل هكذا مجموعات من جيش نظامي يمتلك عتادا عسكريا ثقيلا، وهذا يعيق كثيرا من تحركاتنا. * وغير بعيد منا كانت تُسمع طلقات قذائف ورصاص متواصل من جانب قوات الجيش الذي بدأ من الساعات الأولى لفجر ذلك اليوم عمليات تمشيط واسعة لملاحقة الفارين من عناصر الحوثي، وفي العمق كنا نرى دخانا كثيفا يتصاعد من عدّة أماكن نتيجة لقصف المدفعية بقذائف الهاون للمواقع التي أخلاها الحوثيون.