المخرج مرزاق علواش خالد الصاوي أتى عندنا خلسة والتمس منا السماح والعفو على المصريين ترقبوا عرض " حراقة " في قاعات السينما بالجزائروفرنسا في فيفري المقبل خرج المخرج الجزائري المعروف مرزاق علواش عن صمته وفتح النار في حديث مع الشروق على مهرجان دبي السينمائي الدولي ومسؤولية الذين تآمروا مع بعض الممثلين المصريين على إزعاج الوفد الجزائري. كما تحدث مخرجنا عن واقع السينما الجزائرية وسبل النهوض بهذا القطاع * وكشف علواش عن عمله الجديد والمتمثل في فيلم تلفزيوني للقناة الفرنسية الثانية يحمل عنوان " طاطا بختة " ، الذي سيبدأ في تصويره شهر أفريل القادم . * في البداية أهنّئكم على الجوائز التي ظفرتم بها في مهرجان دبي السينمائي الدولي . * شكرا على التهنئة، لكنني وأقولها للأمانة لم أشعر بنشوة التتويج بقدر سعادتي من ردّة فعل الجمهور أثناء عرض الفيلم بالقاعة، وهو الإحساس الذي يبعث في نفسي السعادة بعد كل عرض ل"حراقة" في مجمل المهرجانات والتظاهرات السينمائية التي شاركت فيها، وكانت كلها في إطار المسابقة الرسمية، والحمد لله أحصل تقريبا على جائزة في كل مهرجان أشارك فيه، لأنني حرصت من بداياتي على أن أصنع أفلاما للجمهور وليس للمهرجانات وهذا ما تؤكده أعمالي ال12. ويبدو أن قصة الفيلم قد أعجبت الجمهور، خاصة منه الذي يسمع ب"الحراقة" ولا يعرف معناها ومعاناتهم والأسباب التي دفعتهم إلى الزج بأنفسهم إلى الهلاك في زورق الموت طمعا في البحث عن حياة كريمة في الضفة الأخرى، وهذا ما أثار فضولي لإنجاز الفيلم . * * سمعنا أنكم تعرضتم لمضايقات من طرف بعض الممثلين المصريين، كيف كانت ردة فعلكم تجاه ذلك؟ * بالفعل، لقد تعرّضنا لمضايقات شبه يومية من طرف بعض المصريين الذين يدّعون أنهم فنانون، وللأسف الشديد أنني لا أعرف أكثريتهم وكان عددهم كبير جدا. أما الوفد الجزائري فكان أقل الوفود المشاركة في المهرجان، وكانت لمياء بوسيكن ونبيل أبطال فيلم "حراقة" يعرّفانني بالممثلين المصريين الذين ظهروا في فضائياتهم ليشتمونا، وبمجرد معرفتهم بأننا جزائريون تبدأ طريقة تعاملهم معنا تتغير وكأننا أعداء. في البداية سكتّ والتزمت الصمت حتى أبيّن لهم أن الشعب الجزائري أسمى وأرفع من أن يردّ على تلك التصرفات الصبيانية غير الحضارية، إلا أن تعجرفهم ورغبتهم في السيطرة والتحكم في المهرجان أثارت امتعاضي، خاصة بعد قيام مجموعة منهم بغلق غرفنا، وعندما ننزل إلى الاستقبال ونشتكي يفتحون لنا الباب وبمجرد صعودنا نجدها مغلقة، ومن حسن حظنا أننا صادفنا جزائريا يعمل بالفندق وساعدنا وسهر على راحتنا وتوفير مستلزماتنا طوال أيام تواجدنا بالفندق. وما زاد من امتعاضي عدم تجاوب مسؤولي المهرجان بمختلف جنسياتهم معنا، منهم إماراتيون ومصريون ولبنانيون، والقطرة التي أفاضت الكأس عندما برمج منظمو المهرجان مأدبة عشاء في نفس توقيت عرض الفيلم، فهددتهم برفع شكوى إلى القنصل الجزائريبدبي لقلة احترامهم لنا والانسحاب من المهرجان إن لم يعاملونا بطريقة مهذبة مثلنا مثل "أسيادهم" المصريين الذين كانوا ينقلونهم في سيارات فخمة، أما نحن فكنا نتنقل في الحافلات، بعدها شعروا بالخوف وتغيّرت طريقة كلامهم معنا. وفي حفل الاختتام طلبت من لمياء "بطلة الفيلم" أن تلبس فستانا حتى تظهر بمنظر محترم، فاضطرت إلى كراء فستان أحمر ونبيل أجر بذلة "سموكينغ"، لأن طريقة اللباس مهمة جدا في المهرجانات، خاصة عند المصريين الذين يتفنّنون في "التحيف" والألبسة المفضوحة، ولكن وقاحة المصريين لم تمنع بعض منهم من الاقتراب خلسة من بينهم عضو لجنة التحكيم خالد الصاوي الذي أشاد بأخلاق الشعب الجزائري وعبر عن حبه له، ملتمسا العفو والسماح للمصريين، وحتى يسرا التي شتمتنا صفّقت لنبيل أثناء استلامه الجائزة وهو يحمل قميص "زياني" بين ذراعيه. * * كيف عشت أجواء مقابلة الجزائر ومصر، خاصة بعد الحملة الشعواء التي قادها المصريون بتهجمهم علينا وحرق العلم الجزائري وسب الشهداء، وقيام عدد من الفنانين بإعادة التكريم الذي حظيوا به في الجزائر؟ * في المقابلة الأولى بين الجزائر ومصر في القاهرة كنت في المغرب، وشاهدت المقابلة بإحدى المقاهي الشعبية، وفي الحقيقة انبهرت كثيرا لموقف المغاربة وتضامنهم معنا وبدوا منزعجين بعد فوز مصر، وقالوا لي إنهم يتمنّون النصر للخضر. أما المباراة الثانية فقد تابعتها بباريس، وخرج الجميع بسياراتهم حاملين العلم الجزائري للتعبير عن سعادتهم بتأهل المنتخب الوطني إلى المونديال وكانت ليلة رائعة لن أنساها. وأقول لأولئك المصريين، الذين ردوا تكريمهم، بأن يرجعوا الأموال التي أخذوها من الجزائر، وأننا في غنًى عن أعمالهم، إنهم يظنون أن السينما العربية ولدت من رحم السينما المصرية وهذا أكبر خطأ. وما يؤسفني عندما تابعت افتتاح مهرجان وهران في دورته الأخيرة في بيتي بباريس، والله شعرت وكأنني أشاهد حفل افتتاح مهرجان القاهرة وليس وهران، هل نسوا كل ذلك الترحيب الذي وجدوه في الجزائر. ويسرا، التي أمقتها كثيرا، راحت تسبّ الجزائريين لمدة نصف ساعة، بعد تكريمها في وهران. أنا شخصيا لا أتابع أعمالهم "المبتذلة"، والحمد لله أن هناك بعض منهم محترمين أمثال نور الشريف، يوسف شاهين وبدر خان، والباقي لا يهمني أمرهم على الاطلاق. والجميل أننا لم نرد عليهم، وأنا مع المقاطعة لأننا لم نستفد شيئا من مصر، شاركت ثلاث مرات في مهرجان القاهرة ولم تبادر مصر بشراء لا الأفلام ولا المسلسلات الجزائرية، في الوقت الذي تشتري فيه الجزائر الأعمال المصرية بأموال ضخمة، يكيفنا غباءً ولنكثف تعاوننا مع المغرب العربي، ولنستفيق من غيبوبة الدراما المصرية التي قهرتها نظيراتها السورية والتركية . * * في كل مناسبة تدعو السينمائيين الشباب إلى البحث عن التمويل المحلي بدل الأجنبي، ما السر في ذلك، وهل صحيح أن المنتج الأجنبي يفرض أفكاره على المخرج الذي يتعامل معه؟ * بالفعل وهذا مطلبي الوحيد للسينمائيين الجزائريين الذين أدعوهم إلى البحث عن تمويل محلي بدل الأوروبي لصناعة الأفلام، وذلك لإنجاح الجيل الجديد من السينمائيين الشباب وإعداد البنية التحتية للسينما، ومع ذلك هناك حقيقة لا يجب إغفالها وهي أنه لولا الانتاج المشترك لما كان وجود للسينما الجزائرية، لا وجود لصناعة سينمائية جزائرية بحتة، في ظل انعدام التكوين خاصة التقنيين. أما بخصوص الشطر الثاني من سؤالك فهذا خطأ، وهي الفكرة المنتشرة في الجزائر أننا نحن المخرجين المقيمين في الخارج "مبيوعين" وأعمالنا لا تمس المجتمع الجزائري، وأننا نزاحم المخرجين المقيمين في الجزائر في الأموال التي تخصصها وزارة الثقافة . * * متى سيعرض فيلم " حراقة " بالجزائر؟ * بعثت مؤخرا نسخة من الفيلم إلى وزارة الثقافة وطلبت منهم أن يبرمجوا الفيلم شهر فيفري المقبل حتى يكون نفس توقيت عرضه في فرنسا. ومن المنتظر أن يعرض "حراقة" في قاعة ابن زيدون ومستغانم في نفس اليوم، باعتبارها المكان الذي صوّرت فيه العمل، حيث يعكف حاليا المنتج هاشمي زرطال على توفير جميع الشروط اللازمة لعرض الفيلم بدار الثقافة بمستغانم. علما أنه لا توجد قاعة سينما بالمنطقة، وأنا متأكد أنه بعد عرض الفيلم مباشرة سيتم قرصنته، وأنا غير مهتم بذلك، المهم أن يرى الجمهور العمل. * * ما هو جديدك؟ * سأشرع شهر أفريل المقبل في تصوير فيلم تلفزيوني للقناة الفرنسية الثانية يحمل عنوان "طاطا بختة" وأتمنى أن تشاركني في الفيلم بختة بن ويس التي يعجبني أداؤها كثيرا، وهو فيلم فكاهي يروي قصة وفاة عائلة جزائرية مغتربة بفرنسا في حادث سيارة، وإثر ذلك تقرر بختة المقيمة بوهران الذهاب إلى فرنسا للوقوف إلى جانب عائلتها ومواساتهم في مصيبتهم .