الشهيد البطل المبحوح التقت "الشروق اليومي" في بيت العزاء المنصوب بمخيم تل الزعتر شرقي جباليا بأهل الشهيد وكان لنا اللقاء التالي مع شقيقه حسن عبد الرؤوف المبحوح والذي سبق أن اعتقل خمس سنوات في سجون الاحتلال. * * عظم الله أجركم وأسكن الشهيد فسيح جناته نود أن نتعرف على الشهيد في فترات شبابه المبكر هنا في غزة؟ * * شقيق محمود ولد بمخيم جباليا في 14 فبراير 1960 تربى في المعسكر ودرس في مدارس وكالة الغوث للاجئين وانهى دراسته الثانوية وعمل ميكانيكي سيارات وكان محمود من عشاق المساجد وروادها وكانت غيرته على الإسلام من صغره يدافع عنه بقوة وتميز بكرمه وحناه على جميع إخوته وهو الخامس في الأسرة ترتيبا.. ولقد كان مخيم جباليا شاهدا له على نشاطه في الدعوة إلى الإسلام والى مكارم الأخلاق. * لقد علمنا انه سبق أن اعتقل في سجون الاحتلال لفترات، فهل لكم أن تحدثونا عن تجربته الاعتقالية؟ * * لقد اعتقل محمود سنة 1987-1986 وذلك على خلفية سلاح ضبط عنده في الورشة التي يعمل بها ولكن صموده الرهيب لم يتمكن جهاز الأمن الإسرائيلي من انتزاع أي اعتراف منه فحكموه سنة اعتقال دون اعتراف منه ..ولقد صمد أسابيع عديدة وهو تحت شتى أنواع التعذيب فكان أسطورة في السجون الإسرائيلية يتغنى بها كل الممعتقلين والأسرى. * * كيف كانت فعالية محمود مع الانتفاضة الأولى التي انطلقت في عام 1987؟ * * بمجرد خروجه من السجن اتجه محمود مع رفاقه في تنفيذ عمليات عسكرية القصد منها قتل جنود وإخفاء جثثهم والتفاوض عليها للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين فكانت عمليته الأولى في شهر مارس سنة1989 حيث تمكن من اختطاف الجندي الإسرائيلي (افي سسبورتس) وقتله ودفنه والاحتفاظ بأوراقه الثبوتية.. وفي شهر ماي من نفس العام تمكن من قتل الجندي الإسرائيلي (ايلان سعدون) ودفنه والاحتفاظ بأوراقه الثبوتية لحين الحاجة.. * وفي حين كان للأمطار والسيول اثر في كشف جثمان الجندي الأول بقي جثمان الجندي الآخر مخفيا عدة سنوات حتى تمكنت أجهزة الأمن الفلسطينية من التوصل إلى معرفته واكتشف وقدم لإسرائيل دون ثمن يذكر. * * كيف تم كشف أمره ومتابعته من قبل القوات الإسرائيلية؟ * * لقد نفذ العملية الثانية بواسطة سيارة مسروقة من اليهود وفي لحظات شك ومتابعة من الإسرائيليين لاحقوا السيارة وأمروها بالتوقف فاشتبك ورفاقه مع الجنود الصهاينة وتمكن من الفرار من السيارة كان ذلك بتاريخ 13 ماي 1989 ومن يومها لم يدخل محمود البيت.. وظل مطاردا عدة أشهر حتى تمكن من الخروج من الوطن. * * كيف كنتم تتواصلون معه وهو خارج الوطن على مدار 21 سنة؟ * * كان التواصل ضعيفا جدا.. وكان هو من يحدد كيفيته مرات عبر الهاتف ومرات برسائل ولكن دونما انتظام.. وكان يجتهد أن يكون متواصلا معنا سائلا عن أحوال الجميع من الأهل والجيران فلقد كان إنسانا بمعنى الكلمة. * * ما تعليقكم على ما ورد من تسريبات إسرائيلية عن قيام جهاز الموساد بالتحقيق معه لساعات قبل اغتياله؟ * * نحن نعرف محمود وجهاز المخابرات الإسرائيلية يعرفه جيدا.. إنهم يعرفون أن محمود صلب في التحقيق ولو نزعوا جلده لن يعترف لهم بكلمة وإن أثار الضرب الشديد على جسده يكشف إلى أي حد تعاملوا معه بقسوة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يأخذوا منه اعترافا.. إن انفه مكسورة وهناك ضربات على خلف رأسه وآثار لصعق بالكهرباء وكدمات في أماكن مختلفة، الأمر الذي يعني أنهم كانوا عاجزين عن اخذ شئ منه. * * ماذا تودون قوله من خلال صحيفة الشروق الجزائرية..؟ * * نقول لكم شكر الله سعيكم، ومحمود لم يكن شرفا لنا فقط، بل شرف للأمة العربية والإسلامية ونحن أسرة مثلنا كثير من الأسر في فلسطين نقدم أبناءنا وأحبتنا شهداء أو أسرى أو جرحى أو مطاردين من اجل عزة الإسلام وكرامة فلسطين. * * الموساد ..تاريخ أسود من الاغتيالات ضد قيادات المقاومة * * نفذ جهاز الموساد وقوات خاصة إسرائيلية أخرى عددا كبيرا من الاغتيالات ضد القياديين الفلسطينيين ووضع لوائح بهذا الخصوص بدعوى اتهامهم بكونهم العقل المدبر للمقاومة الفلسطينية، ورغم ذلك لا تعترف إسرائيل وجهازها الموساد بمسؤوليتهما عن الاغتيالات المباشرة للقيادات الفلسطينية. * * 1973 : وقع عملاء الموساد في خطأ كبير عندما اغتالوا في منتجع ليليهامر الشتوي في النرويج نادلا مغربيا ظنا منهم أنه المسؤول الفلسطيني أبو حسن سلامة في منظمة "أيلول الأسود". * 1973 : أدت معلومات خاطئة قدمها الموساد إلى قيام طائرة حربية إسرائيلية باعتراض طائرة ركاب مدنية ليبية وإجبارها على الهبوط في تل أبيب، بناء على معلومات بوجود زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنذاك جورج حبش على متن الطائرة. وتبين لاحقا أنه لا يوجد بين ركاب الطائرة أي مسؤول بالمقاومة الفلسطينية، ما سبب حرجا كبيرا في حينه لإسرائيل. * 1988 : اغتالت وحدة خاصة تابعة للجيش الإسرائيلي أحد مؤسسي حركة فتح القائد خليل الوزير "أبو جهاد" رفقة حراسه في تونس، حيث سافرت عناصر تابعة للموساد إلى تونس مستخدمة جوازات سفر لبنانية مزورة، وكانت هذه العناصر هي من زودت القوات الأخرى بمعلومات عن مكانه، حيث تمت مهاجمة حراسه ومن ثم اغتياله أثناء مشاهدته أخبار الانتفاضة الفلسطينية على شاشة التلفزيون. * 1997 : تظهر أبرز قصص إخفاقات الموساد في العاصمة الأردنية عمان، عندما حاول عميلان للموساد حقن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بمادة سامة دون أن يشعر، بحيث يبدو أنه توفي بصورة طبيعية. لكن العملية انكشفت وألقي القبض على العميلين، وثار غضب العاهل الأردني أنذاك الملك حسين بن طلال الذي لم يوافق على تسليم عميلي الموساد إلا بعد أن اعتذرت إسرائيل عن الحادثة وأفرجت في مقابل العميلين عن مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، إضافة إلى إحضار الترياق لإنقاذ مشعل الذي دخل في غيبوبة. * 2004 : أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون أوامره باغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، حيث شنت القوات الإسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية في غزة أدت إلى استشهاد الشيخ ياسين وهو في طريقه إلى أداء صلاة الفجر. * 2004 : الجيش الإسرائيلي يغتال في غارة جوية أخرى القيادي في حماس عبد العزيز الرنتيسي بعد حوالي ثلاثين يوما من اغتيالها ياسين، وفي نفس الفترة اغتال أيضا القائد العام لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة. * 2008 يتهم الموساد بتنفيذ عملية اغتيال قائد الجناح العسكري لحزب الله اللبناني عماد مغنية في العاصمة السورية دمشق، حيث قتل في انفجار غامض استهدف سيارته. * 2010 اتهام الموساد باغتيال القيادي البارز وأحد مؤسسي كتائب القسام الشهيد محمود المبحوح 50 عاماً في مدينة دبي، حيث دخلت عناصر الموساد عبر جوازات سفر أوروبية مزورة. * القائد القسامي في سطور * * العائلة لاجئة إلى مخيم جباليا شمالي قطاع غزة ومعروفة بتقديمها للشهداء والمجاهدين والأسرى، ينتمي اليها القائد الشهيد محمود عبد الرؤوف المبحوح المولود في فبراير من عام 1960 ولقد اعتقل الشهيد مرات عدة قبل أن ينطلق مع رفاق معدودين في تشكيل كتائب عزالدين القسام جناحا عسكريا لحركة المقاومة الإسلامية حماس.. * وانطلق مع رفاقه في جمع السلاح والتدريب والقيام بعمليات تستهدف قوات الاحتلال وفي عملية مواجهة أخيرة بينه وقوات الاحتلال تمكن من قتل جنديين إسرائيليين وتم الكشف عنه، الأمر الذي جعله في عداد المطاردين لأجهزة الأمن الإسرائيلية فخرج من الوطن ليستقر به الحال مؤخرا في دمشق، حيث كان يباشر قيادته في شتى مجالات العمل العسكري داخل الوطن.. ولقد كان بيت أسرته هو الأول الذي دشنت إسرائيل بهدمه سياستها العقابية لكل من يثبت اشتراكه في العمل العسكري..