"المصالحة أنجبت انتحاريين ولا طريق أمام الشباب إلا الحرڤة أو الإرهاب" الديبلوماسي الأمريكي أهان الجزائريين في لقاء مع مؤلف الكتاب داخل السفارة! قام المكلف بالأعمال السابق لدى السفارة الأمريكية بالتهجم على الجزائر بترويجه لمعلومات خاطئة وبتقديم صورة مزيفة عن الوضع في الجزائر للتأثير على الرأي العام الأمريكي في كتاب صدر منذ ايام في الولاياتالمتحدةالأمريكية. * الكتاب بعنوان "بين الرعب والسياحة، جولة في اعماق شمال افريقيا" يقول -الصادر يوم 9 فبراير الجاري- من تأليف الكاتب الصحفي الأمريكي الشهير مايكل ميوشم المتخصص في شؤون شمال افريقيا والشرق الاوسط والذي تلقت الشروق نسخة منه، يتضمن في أحد فصوله حوارا مطولا لتوماس دوتون الرجل الثاني في السفارة الأمريكيةبالجزائر خلال عهدة السفير روبرت فورد قبل ان يخلفه على رأسها عندما غادر هذا الأخير الجزائر ليلتحق بمنصبه الجديد في العراق. * ويشير الكاتب في مقدمة حواره مع الدبلوماسي الأمريكي ان اللقاء جرى داخل السفارة الأمريكية بطلب منه للحديث عن الوضعين السياسي والأمني في الجزائر قبل رئاسيات 2009. ويضيف ان عدد اعضاء السلك الدبلوماسي الأمريكي العامل في السفارة يبلغ 50 فردا من بيهم 20 من جنود المارينز. * واغتنم دوتون الفرصة لمد محاوره بمعلومات تعاكس التصريحات والخطب التي كان يدلي بها عند لقاءاته المتعددة بالمسؤولين الجزائريين. * وفي حديثه عن نشاط الولاياتالمتحدة في الجزائر، قال الدبلوماسي الأمريكي أن التمثيلية الأمريكية "قامت بإنجاز الكثير من البرامج لفائدة قطاعات التربية والتعليم والاعلام والصحة والثقافة فضلا عن تمويلها للعديد من التربصات والورشات والملتقيات، لكن دون جدوى"، لأن كما قال "لم تفلح هذه البرامج في انقاذ الجزائر من الانهيار"، كأن مصير الجزائر مرهون بما تقدمه السفارة من دعم ونشاطات. * وفي هجومه على الجزائر، قال دوتون ان "الجزائر كانت فرنسا وكانت للغرب لمدة طويلة ومع انها تتواجد في موقع ممتاز يرشحها لتكون حلقة وصل بين الغرب والشرق، الا ان الواقع يظهر عكس ذلك". * واستمر الدبلوماسي الأمريكي في هذيانه خلال الحوار، حيث اضاف ان "العمل مع الحكومة الجزائرية مرهق ومعقد"، ناسيا الصفقات التي ابرمها مع نفس الحكومة والمشاريع الكبرى التي استفادت منها الشركات النفطية الأمريكية وغيرها بما فيها خارج المحروقات منذ مطلع التسعنييات. * واعتبر ان الجزائر "دولة لازالت متخلفة وان الولاياتالمتحدة حاولت ان تجرها الى القرن ال20 ناهيك عن القرن ال21، لكنها فشلت"، واصفا الجزائر بزيمبابوي، حيث قال "لو لم يكن للجزائر بترول لأصبحت شبيهة بزيمبابوي او اكثر تخلفا منها". * واستمر الدبلوماسي الأمريكي في وصفه الخطير والمغرض ضد الجزائر، قائلا ان "السلطة لازالت متحجرة العقلية ولازالت تسير بالنمط السوفياتي"، متاجهلا في نفس الوقت المتغيرات السياسة والجيو استراتيجية التي تعرفها الجزائر منذ العشرية الماضية. * وعن الوضع الاقتصادي في الجزائر، اعتبر استقدام اليد العاملة الصينية بمثابة "خطأ، لأن العمال الصينيين يرسلون اموالهم الى ذويهم في حين ان بعضهم يبقى في الجزائر ليصبح مصدر مشاكل للسلطات"، مع العلم ان الولايات لازالت الى حد الآن تجلب الآلاف من الصينين في اطار برنامجها السنوي للهجرة الشرعية. * ورغم محاولات محاوره التأكيد بأن الرئيس بوتفليقة يحظى بشعبية قوية في بلاده وقد أفلح في ارساء مصالحة وطنية، الا ان الدسبلوماسي الأمريكي وصف الجزائر بأن "المصالحة انجبت الانتحاريين و ان الشباب لا خيار امامه الا ان يصبح حراڤا او ارهابي". * ورغم شهادة الكاتب بأن الجزائر تبدو له آمنة، مؤكدا انه لاحظ ذلك بنفسه بعد تجواله دون حراسة في حي القصبة وفي العديد من الأحياء التي توصف بالخطيرة وذلك دون التعرض لأي سوء، فإن داوتون قال لمحاوره بأنه كان محظوظا. وعندما ألح الدكتور ميوشو ان التحذير الذي تنشره وزارة الخارجية الأمريكية لفائدة الرعايا الأمريكيين بخصوص الوضع الأمني في الجزائر يعد مجرد خيال بيروقراطيين، غضب داوتون وحذر ميوشو بأن "يكون هدفا ممتعا للجماعات المسلحة منها القاعدة". * ويأتي حديث دوتون ليكشف النقاب عن ما يخفيه الخطاب السياسي الرسمي الأمريكي الموجه للرأي العام الجزائري، حيث مافتئت واشنطن تصف الجزائر على انها دولة رائدة ومحورية في شمال افريقيا ولها امكانيت قوية مما جعلها الشريك الاقتصادي الثاني للولايات المتحدة في الوطن العربي والحليف الاستراتيجي الأول في في مكافحة الارهاب. * و ذات السياق قال ان "لا لهوية للجزائريين سوى التباهي بأنهم حاربوا الفرنسيين وطردهم خارج البلاد". * وكذا الحال بالنسبة "للنزاع المزعوم بين العرب والبربر" الذي اعتبره مفتعلا من قبل القوى الضاغطة في البلاد ما يبين أن آراء الرجل الثاني في السفارة الأمريكية يعد خطابا وفي نفس الوقت مفبركا ترويجا لنظريات ومفاهيم ومعلومات خاطئة عن الوضع في الجزائر. * وكان دوتون قد خلف السفير السابق فورد الى غاية تعيين السفير الجديد ديفيد بيرس، وقد انهى مهامه في الجزائر سنة 2009 ليعين في سفارة بيروت، اي في الوقت الذي تشهد فيه الساحة اللبنانية مصالحة بين جميع الأطياف السياسية ولأول مرة منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. * وعلاوة عن دوتون، فقد حاور الكاتب ميوشو بعض الأمريكيين الذين كانوا مقميمن في الجزائر. والملفت للانتباه ان الكتاب صدر بعد رحيل جميعهم من الجزائر، حيث استحال على الشروق الاتصال بهم للحصول على توضيحات بشأن تصريحاتهم في هذا الكتاب. * * لهذا نظمت السفارة لقاءات مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني * الآن فقط يمكن الحسم بخصوص تلك اللقاءات المشبوهة التي نظمتها السفارة الأمريكيةبالجزائر مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني قبل عامين، وهي اللقاءات التي رفضها البعض واعتبرها تدخلا أمريكيا في الشؤون الداخلية للجزائر، بينما هرول البعض الآخر إلى هذه اللقاءات ولم يبخل على الأمريكيين بالمعلومات، بالإجابة على كل الأسئلة التي طرحت عليهم والتي تخص الجوانب الأمنية والسياسية والاجتماعية. * الأكيد أن تلك اللقاءات كانت تحت عنوان كبير هو التشاور والنقاش، بينما هي في الواقع تدخل سافر في الشؤون الداخلية، وعمل تجسسي بطريقة أو بأخرى، رفضه العديد من الشرفاء. * والغريب في الأمر أن الآراء الصادرة عن القائم السابق للأعمال، أسر بها إلى مؤلف الكتاب، أدلى بها أثناء وجوده بالخدمة، حيث استقبل مؤلف الكتاب داخل مبنى السفارة، مما يؤكد أن المسؤولين الأمريكيين يضمرون ما لا يظهرون في التصريحات الرسمية التي غالبا ما تتحدث عن الجزائر كبلد محوري في منطقة شمال إفريقيا، وهي جسر بين الشمال والجنوب وغيرها من التصريحات المنافقة على غرار ما قيل مؤخرا عن حق الجزائر في المعاملة بالمثل، وعن عزم الإدارة الأمريكية في إسقاط الجزائر من قائمة الدول المشبوهة، وغيرها من التصريحات المنافقة، بينما يستمر الأمريكيون في إهانة الجزائريين بالمطارات. * * من هو توماس داوتون * غادر توماس داوتون الجزائر شهر أوت الماضي للإلتحاق بمنصبه ببيروت كنائب القائم بالأعمال أي برتبة النائب الأول للسفير. وهو من مواليد مدينة أريزونا وتخرج من معهد امهرست ثم جامعة فيرجينا. وبعد تخرجه اشتغل في مكتب محاماة لمدة ثلاث سنوات. * بدأ داوتون مشواره الدبلوماسي سنة 1989 حيث عين نائب قنصل بالعاصمة الجمايكية كينغستون (1991-1989)ثم مستشار سياسي لدى السفارة الأمريكية بالرباط (1993-1991) وبعدها عاد إلى وزارة الخارجية الأمريكية إلى غاية 1997 ليعين قنصل في مدينة سالونيك اليونانية لمدة ثلاث سنوات. وفي سنة2000 عين قائم بالأعمال بمهام سفير بليبرفيل بالكونغو وهي أعلى مهمة له آنذاك دامت ثلاث سنوات. ومن ثم توّلى منصب مستشارا للشؤون السياسية بالعاصمة الماليزية كوالا لامبور. * وكانت آخر مهمة لداوتون بالجزائر منذ سنة 2006 حيث شكل مع روبرت فورد الثنائي الذي كان وراء الضجة الإعلامية التي أثارتها السفارة الأمريكية سنة 2007 باستدعائها ممثلين عن الأحزاب والجمعيات المدنية لمساءلتهم عن الوضع السياسي في بلاد تحسبا لرئاسيات 2009 . وفور تعيين داوتون الذي يتقن اللغتين الفرنسية واليونانية بلبنان تم في نفس الوقت تعيين روبرت فورد بسفارة دمشق السورية بعد أن كان في العراق.