ربط متابعون تأخر إعلان الرئيس بوتفليقة الترشح لعهدة رابعة (إن كانت له نية في الترشح طبعا)، بحرصه على استنفاد كافة صلاحياته الدستورية كرئيس، قبل إعلان ترشحه. فأين تبدأ وأين تنتهي صلاحيات الرئيس المترشح في نظر خبراء القانون الدستوري في الموضوع؟ أجمع خبراء القانون الدستوري على أن النصوص الدستورية والقانونية الناظمة لصلاحيات رئيس الجمهورية لا تتحدث عن تجريد الرئيس من صلاحياته إذا ما قرر خوص السباق الانتخابي بصفته رئيس مترشح، عكس ما ذهبت إليه بعض القراءات السياسية والإعلامية. وأكد عامر رخيلة وهو عضو المجلس الدستوري في فترة التسعينيات، أن صلاحيات الرئيس سواء ترشح أو لم يترشح تستمر إلى غاية تنصيب الرئيس الجديد، وقال رخيلة في اتصال مع "الشروق" أمس: "لا يوجد أي نص قانوني يمنع رئيس الجمهورية من ممارسة صلاحياته كاملة حتى في حال ترشح للانتخابات الرئاسية". وأوضح الخبير في القانون الدستوري: "العهدة الرئاسية حسب ما هو معلوم تنتهي يوم 17 أفريل المقبل، وقبل هذا التاريخ لا معنى لأي نقاش حول صلاحيات الرئيس"، وذلك استنادا إلى النصوص الدستورية ولا سيما القانون العضوي للانتخابات. من جهتها، أكدت الفقيهة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، ما جاء على لسان عضو المجلس الدستوري الأسبق، عامر رخيلة، وقالت في تصريح ل"الشروق" أمس: "المادة 74 من الدستور واضحة ولا لبس فيها، وهي تنص على أن مدة العهدة الرئاسية خمس سنوات". وأضافت بن عبو موضحة: "انطلاقا من المادة 74 يمكن القول إن الشعب الجزائري وكّل رئيس الجمهورية مهمة ممارسة صلاحياته لمدة خمس سنوات كاملة غير منقوصة ومهما كانت طبيعتها، حتى ولو ترشح"، غير أنها لفتت إلى ثغرة يكون قد وقع فيها المشرع الجزائري، في حال حتمت نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، اللجوء إلى الدور الثاني. ونبهت الفقيهة الدستورية: "لو أفرزت نتائج الاقتراع الذهاب إلى الدور الثاني، حينها ستتعرض الدولة لفراغ مؤسساتي، وهو من يدير شؤون البلاد في ال15 يوما التي تفصل عن موعد إجراء الدور الثاني من الانتخابات"، وتابعت: "كل الدول تضع في الحسبان مدة ال15 يوما التي تفصل بين الدورين، الأول والثاني، إلا في الحالة الجزائرية..". ويضم رئيس لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني سابقا، محمد كناي، موقفه إلى كل من الفقيهين عامر رخيلة وفتيحة بن عبو، مؤكدا بأن صلاحيات الرئيس لا يمكن أن يطالها أي تقييد في حال قرر خوض الاستحقاق الرئاسي المقبل، وقال: "صلاحيات الرئيس تبقى قائمة وكاملة إلى أن ينصب رئيس جديد"، موضحا: "ليس هناك في الدستور أو في بقية القوانين الأخرى، ما يشير إلى فقدانها". وذكّر النائب السابق بالصفة التي كانوا ينادون بها بوتفليقة في رئاسيات 2004 "الرئيس المترشح"، غير أنه أشار إلى أن هناك اعتبارات أخلاقية في هذا المجال، قد تحول دون إقدام الرئيس على القيام بقرارات قد تعكر صفو الانتخابات المقبلة. ويؤكد من جهته، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الجزائر، بوجمعة صويلح، أن "صلاحيات رئيس الجمهورية تبقى سارية المفعول بحكم المادة 32 من القانون العضوي الناظم للانتخابات، حتى ولو ترشح، على أساس أنها تجرى شهرا قبل انقضاء العهدة"، ونبّه السيناتور السابق: "إلا أن السوابق الدستورية تجعل من رئيس الجمهورية لا يقدم على إحداث تغييرات في المراكز الوظيفية لكبار مسؤولي الدولة وإطاراتها حفاظا على عدم التأثير على الحملة الانتخابية".