بعد أن استنفذت السلطة ذخيرتها وما عاد ينفع التداوي بالعسل "الحر" لتجديد حبالها الصوتية، لاستمالة ذوي القلوب الرهيفة ممن يصغون فيطيعون من الشريحة المهمشة من الشعب المغلوب على أمره، والتوسل للمعارضة التي خارت قواها من بقائها على الهامش طيلة سنوات، خاصة مع بقاء مواقفها وردود أفعالها حول مشاورات السلطة على ما سمته _الدستور التوافقي_، تتأرجح بين الرفض والقبول وكذا انسلاخ بعض الأحزاب السياسية لخلق ما يعرف بالتنسيقية الانتقال الديمقراطي من جهة وخروج جبهة القوى الاشتراكية بمبادرة الإجماع الوطني من جهة أخرى. سلطة تعبت من الهرولة لتودد لمعارضيها فتارة توزع حقائبها الوزارية فترضي هذا وتقصي ذاك وتارة تغازلهم بمشاورات مشروع لتعديل دستوري شوّهه الانتظار. ومن باب أن العربة لا يجب أن تسبق الثور. بدأت السلطة تصحح مسارها برمي زهرة الرند ومشاطرة لعبة المغازلة مع حزب الافافاس لتفتيت المعارضة بحجة إجماع الوطني لن يرى النور إن بقيت المعارضة متصلبة في مواقفها. سلطة تحاول كسب الوقت فتبقى عينها على شطحات معارضيها من جهة وتلوح بيدها لإطفاء جمرة الاحتجاجات الغاز الصخري بمشروع السلخ الإداري من جهة أخرى مشروع لا أراه إلا مرحلة أخرى من احتدام وتأجج الوضع بالبلاد. سلطة تعبت، أنهكت من لعبة القط والفأر وسياسة الهروب إلى وجهة غير معلومة، خاصة مع الانشقاق الحكومي وتراشق التهم بين معشر الوزارء والذين نسوا إنهاء مشاريعهم العالقة ومن ثمة إبقاء الشعب في قاعة الانتظار.. ما الذي سيحدث إن تحققت الرؤية وفشلت العلمانية في جمع الفرقاء على طاولة الوفاق؟؟؟ هل ستستنجد السلطة بالاسلامويين لرفع الحرج وتفتيت الضغينة أم أنها سترش الزيت على النار وتعقد قران بين النقيضين رغم الاختلاف الإيديولوجي لينضوي طيف العلمانية مع تيار الاسلاماوية تحت عمامة السلطة، متناسين فيها زمن تبادل الاتهامات والقفز على الأخر والاستثمار في اللا شيء وخلق صراعات فارغة لأجل الإثارة وللبقاء بالواجهة رغم الشلل. ولكن قد تحدث المعجزة ويلتقي الخطان المتوازيان في نقطة مفصلية تحتاج فقط الى شرعنتها لترتيب بيت السلطة والعيش تحت سقف واحد، ولو كان الزواج الحاصل بينهما "زواج متعة" ينقضي بانقضاء المدة وخروج كيان سياسي تحت تسمية "إسلاموعلماني" يراد به سد الفراغ السياسي فيعيد الماء العكر الى صفاءه ويصفع مؤخرة المعارضة. مزيج غريب التركيبة لا لون له ولا رائحة، قلب علماني بفكر إسلامي أم العكس؟ من سيسيطر على الآخر ومن سيجر الآخر من يحكم من؟ تعددت الأسئلة والإجابة واحدة هذا إن صدقت رؤياي. وما نريد إلا النجاح وما توفيقنا إلا بالله.