السؤال: لما أنوي الصيام ليلا، هل يلزمني أن أنطق بالنية وأقول نويت صيام يوم كذا؟ الجواب: يكفيك استحضار نية الصوم في قلبك من غير تلفظ، لأن التلفظ بالنية غير مشروع وهو من المكروهات، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلفظ بالنية، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولا استحبه الأئمة المقتدى بهم رحمهم الله.
السؤال: أخي متخلف عقليا، أي (منغول)، وهو الآن يبلغ خمسا وعشرين سنة، فهل نلزمه بالصيام معنا أو يجوز لنا أن نتركه يفطر؟ الجواب: لا يجب عليه الصيام، لأن العقل شرط في التكليف، والمصاب بتخلف عقلي في حكم المجنون، وهو الذي يطلق عليه أهل اللغة والفقه اسم المعتوه. ويدل على رفع التكليف عنه ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ»، وفي رواية لأبي داود «وَعَنِ الْمَجْنُونِ وَالخَرِفِ حَتَّى يَعْقِلَ»، وفي رواية لأحمد وأبي داود «وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ»، وفي رواية لأبي داود والترمذي «وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ»، وهذه الروايات تفيد أن من فقد عقله كلية أو كان به نقص فهو غير مكلف ولا مخاطب فلا يجب عليه الصوم.
السؤال: إنني أصلي العشاء والتراويح في المسجد، وأرغب في صلاة التهجد، فهل علي تأخير صلاة الوتر أو أصليها مع الإمام؟ الجواب: في المسألة تفصيل كالآتي: إن كانت عادتك الانتباه آخر الليل فالأفضل لك تأخير الوتر إلى آخر الليل، لما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ وِتْرًا». وإن كان الغالب عليك عدم الانتباه والنوم إلى الصبح فالأفضل أن توتر مع الإمام كي لا يفوتك وترك، لما رواه مسلم وغيره من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ». وروى أبو داود وابن خزيمة بسند صحيح عن أبى قتادة «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: مَتَى تُوتِرُ؟ قَالَ: أُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَقَالَ لِعُمَرَ: مَتَى تُوتِرُ؟ قَالَ آخِرَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: أَخَذَ هَذَا بِالحَزْمِ، وَقَالَ لِعُمَرَ: أَخَذَ هَذَا بِالْقُوَّةِ». والمشهور عند العلماء أنه إذا أوتر أول الليل لا يعيده في آخره، لما رواه أبو داود والترمذي والنسائي بسند صحيح عن قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِىٍّ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأَمْسَى عِنْدَنَا وَأَفْطَرَ، ثُمَّ قَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا، ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا بَقِىَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلاً فَقَالَ: أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ». قال الترمذي في سننه: «قال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام من آخر الليل فإنه يصلي ما بدا له ولا ينقض وتره ويدع وتره على ما كان، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي وأهل الكوفة وأحمد، وهذا أصح، لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر». وبالنسبة للمأموم الذي يصلي التراويح في المسجد فله أن يتابع إمامه فيصلى معه الوتر ليحصل له فضل متابعة الإمام كما ورد في حديث أبي ذر رضي الله عنه عند أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ». وله أيضا أن يصلي معه الوتر فإذا سلم الإمام قام يشفعه بركعة ويحصل له أيضا فضل متابعة الإمام، وله أن لا يصليه مع الإمام ويتركه إلى آخر الليل عملا بحديث «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ وِتْرًا».