الرباط تورطت في صفقة " باريس - باماكو "وبريطانيا تريد الثأر تسربت ل"الشروق" معلومات بشأن بعض القضايا الحساسة التي كانت محور حديث داخل الكواليس وخارج الخطابات الرسمية، بين ممثلي وفود بعض الدول المشاركة في مؤتمر مكافحة الإرهاب المنعقد أول أمس في الجزائر... وكان من بين ما دار الحديث عنه في جلسات غير رسمية حسبما علمته "الشروق"، أن القضية المحورية التي تجمع عليها كل الدول المشاركة، هو رفض أي تدخل أجنبي تحت مبرر القضاء على الإرهاب، كون حدوث ذلك سيوفر شرعية افتراضية لما تسميه التنظيمات الإرهابية ب "الجهاد"، تكرارا للتجربة الحاصلة في أفغانستان والعراق، وأجمع المشاركون على أن إنهاء نشاط ما يزيد عن 100 إرهابي، سهل التحقيق ويبقى رهين استقلالية موقف مالي. وتفيد المعلومات المتوفرة، أن الحديث عن الدور الذي لعبه المغرب في إفراج باماكو عن إرهابيين مقابل تحرير رهائن فرنسيين بضغط من الإليزي، أخذ حصة الأسد في المحادثات خارج الجلسات الرسمية، على اعتبار أن فرنسا تنصلت من اتهامها بدعم الإرهاب في القضية بعد الضغوط الأمريكية والبريطانية، ورمت بالمسؤولية على المغرب الذي كان له حسب المبررات الفرنسية بحكم امتداده مع قبائل تامبوكتو في مالي، ولعب دور همزة الوصل مع الجماعات الإرهابية في الصفقة التي أثارت الجزائر وموريتانيا. ويتفق مراقبون على أن ما دارا في الكواليس بخصوص نجاح الخطة المشتركة للقضاء على نحو 100 إرهابي في المنطقة، مرهون بالالتزام الفعلي لمالي بالاتفاقيات المتعددة الأطراف مع دول الساحل في التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، وكذا استقلالية مواقفه عن أي ضغط أجنبي سواء كان فرنسيا أو تواطؤ تغذيه المصلحة مع المغرب الذي سعى إلى اختراق منطقة شمال مالي، حيث معاقل الجماعات الإرهابية وأصبح يعرض نفسه في السر كمفاوض ووسيط مثلما حدث في آخر صفقة بين باماكو وباريس، علما أن المغرب هو البلد الإفريقي الوحيد الذي أبدى موافقته لاحتضان قاعدة الافريكوم،(القوات الأمريكية في القارة الإفريقية)، إلا أن عدم عضويته في اتحاد الدول الافريقية، حال دون امنيته لكون الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تراهن على المغرب بعينه وإنما على المنطقة بأكملها. نواقشط رفضت تكرار سيناريو مالي رغم الضغوط الإسبانية ولم يخف الوفد الموريتاني خلال جلسات الظل، تعرض بلده لضغوط إسبانية طلبت منه الاستجابة لمطلب المختطفين في الإفراج عن متهمين في قضايا إرهاب من سجونها، الشرط الذي وضعه المختطفون إلى جانب الفدية مقابل حياة وحرية رهينتيها. ولم تخلُ اللقاءات الهامشية، من تبادل وجهات نظر وتحاليل جيو إستراتيجية في المنطقة في مقدمتها صراع التوسع الاقتصادي بين أمريكا والصين، حيث تحول مصير أنظمة الحكم في بعض الدول التي تقع تحت هيمنة أمريكا إلى حلبة صراع بين العملاق الاقتصادي الصيني ونظيره الأمريكي الذي يرفض أي تواجد لمنافس في مصادر اليورانيوم، وفي هذا الصدد تفكر تلك الدول في فرض نفسها كتكتل يحمي أنظمتها وينهي سيناريو الانقلابات العسكرية التي تغذيها المصالح الغربية. كما تطرقت الوفود المشاركة إلى ما ينتظر تنظيم "الجماعة السلفية" التي تسمي نفسها "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، من ضربة بريطانية قاصمة تنتقم فيها لقتل رعيتها، وهو "الثأر" الذي قالت عنه مصادر من محيط المشاركين، إنه لن يمس بسيادة أي بلد في المنطقة ولن يخطئ الهدف، ومن بين ما تتضمنه أجندة لندن صد أي توسع للتنظيم الإرهابي انطلاقا من مالي إلى نيجيريا التي تربطها بالمملكة علاقات في إطار مجموعة دول الكومنوالث. انقراض "السلفية الجهادية" وهيمنة "لعصبية القبلية" ولا يستبعد مراقبون للشأن الأمني بمنطقة الساحل، بعيدا عن الخطة الأمنية المشتركة بين دول المنطقة لضرب جيوب الجماعات الإرهابية في الساحل، نشوب "حرب زعامات" بين قدماء التنظيم الإرهابي الذين يتبنون إيديولوجية "السلفية الجهادية" وبين حديثي الالتحاق بصفوفها ممن أصبحوا يشكلون أغلبية، على اعتبار أن هؤلاء يتبنون "عصبية قبلية" ويغلّبونها على الاعتبارات الأخرى، ولا يقبلون أي منطق غير منطقهم ما يعد باقتتال داخلي. يذكر أن أغلبية الملتحقين من دول الساحل ب"الجماعة السلفية" ينتظرون بحكم أنهم الأغلبية، تولي مناصب في "هيئة أعيان" التنظيم الإجرامي الذي تصر قيادته التقليدية على تهميشهم خوفا من انقراضهم وتضييع سيطرتهم على التنظيم.