وزير الشؤون الدينية والأوقاف لم يتمكن ممثلو الحكومة الذين نزلوا ضيوفا على المجلس الشعبي الوطني، من بلورة موقف واضح صريح، بشأن عقوبة الإعدام، التي تحولت إلى إلى معركة بين مسؤولي مؤسسات دينية وأخرى سياسية، فبينما أكد وزير العدل أن المسألة ليست أولوية الحكومة في الوقت الراهن، أبان وزير الشؤون الدينية والأوقاف، عن تقارب مع الداعين لإلغاء عقوبة الإعدام. وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بوعبد الله غلام الله، إن الحكومة لم تحسم بعد في أمر الإعدام، وأوضح الوزير أن هذه المسألة التي تسببت في حرب كلامية بين رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الدكتور بوعمران الشيخ، وزعيمة حزب العمال، لويزة حنون، غير أنه أبدى شيئا من الانحياز لموقف الداعين إلى إلغاء الإعدام في الجزائر. غلام الله وفي تصريح للصحفيين على هامش جلسة أمس العلنية، التي خصصت لطرح الأسئلة الشفوية بالمجلس الشعبي الوطني، أكد أن القضية لا تزال قيد الدراسة، وقال: "مسالة الإعدام لا تزال محل تفكير وتعقل، المشروع لا يزال على مستوانا ولم يقدم للحكومة بعد". وأفصح غلام الله عن جزئية يمكن اعتبارها وجهة نظر قد تعبر عن موقف الحكومة عندما قال ردا على سؤال حول تموقع الحكومة من الجدل الدائر حول الإعدام:"المشرّع لم يتحدث عن قتل الناس"، وهي عبارة تصب في خانة الداعين إلى إلغاء عقوبة الاعدام في الجزائر، على غرار ما دعت إليه زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، التي لقيت انتقادا لاذعا من طرف رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الشيخ بوعمران الشيخ. وحول سؤال عن موقفه من الحرب الكلامية الدائرة بين حنون وبوعمران، رفض وزير الشؤون الدينية تخييره بين الوقوف مع أو ضد أي طرف، وقال: "أنا لا مع حنون ولا ضد بوعمران، وما أريد قوله بهذا الخصوص، هو أنه لا ينبغي اتهام أي شخص". من جهته، رفض وزير العدل حافظ الأختام، الطيب بلعيز، ربط تنامي جرائم القتل في البلاد بغياب العمل بالقصاص وهي عبارة قرآنية أشمل من الإعدام، وقال "في وقت سابق كان هناك نظريات تقول بأن القصاص يحد من انتشار الجريمة، لكن هذه النظريات أثبتت فشلها، وظهرت نظريات أخرى تعتمد على التهذيب والإصلاح، وليس على العقوبة في حد ذاتها"، وهو توجه يصب في خانة الداعين لإلغاء عقوبة الاعدام. وأضاف بلعيز "إن العقوبات القاسية لن تؤدي بالضرورة إلى نتائج إيجابية، بل من شأنها أن تؤدي إلى زيادة الجرائم، لذلك حلت محلها نظريات لا تعتمد على القصاص كمبدأ أساسي"، واستدل الوزير على كلامه بأرقام من واقع الجزائر، تؤكد بأن جرائم القتل في تراجع بالجزائر، مشيرا في هذا الصدد إلى أن جرائم القتل مع سبق الإصرار والترصد بلغت ألف و163 في 2006، مقابل 159 جريمة قتل في 2009، كما عرفت جرائم القتل العمد تراجعا ما بين 2006 و2009، بحيث انخفضت من 254 إلى 172 حالة قتل عمد. وقد تسبب هذا التوصيف في غضب النائب صاحب السؤال، الذي اعتبر كلام الوزير قفزا على القرآن، الذي يبقى صالحا لكل زمان ومكان، على حد ما جاء في كلام النائب، غير أن الوزير رد بأنه يقصد النظريات الاجتماعية وليس القرآن.