فيما لا تزال حادثة قتل أم لطفليها الصغيرين حديث العام والخاص بحي البوسكي بسيدي مبروك بقسنطينة، شيعت عصر الخميس، وفي جو مهيب، وبحضور جمع غفير من الأهل والجيران والأصدقاء والمتعاطفين مع العائلة المفجوعة، جنازة الطفلين الضحيتين "ز. مريم" البالغة من العمر 4 سنوات، و" ز. أنس محمد السعيد"، البالغ من العمر 08 أشهر، بمقبرة القماص ببلدية قسنطينة القاطنين بحي البوسكي بسيدي مبروك، اللذين كانا ضحية جرم ارتكبته والداتهما في حقهما مساء الأربعاء الفارط، حيث أقدمت على ذبح ابنها الصغير الرضيع أنس محمد السعيد من الوريد إلى الوريد مستعملة سكين المطبخ، في حين كان الخنق من نصيب الطفلة الكبرى مريم، إلى جانب جرح على مستوى الرقبة لترديهما جثتين هامدتين. وحسب تصريحات العديد من جيران العائلة من نساء ورجال وشباب حي البوسكي، فإن الجانية "م. منية"، البالغة من العمر 34 سنة، في الأصل كانت تشغل منصب إطار بشركة صيدال للأدوية بالمنطقة الصناعية "بالما"، وأخذت عطلة مرضية بعد وضعها حملها منذ شهور مضت، وهي إنسانة سوية، هادئة الطبع مع جيرانها، خلوقة، متزنة، لم تكن تعاني من أي مشاكل اجتماعية، يشهد لها الجميع بحسن التربية والسلوك منذ أن جاورتهم. وقد استغرب الكل فعلتها ولا تزال علامات الاستفهام الكثيرة تحوم حول الحادثة المأساوية التي اهتز لها كل سكان المدينة، وأودت بحياة فلذة كبدها. فيما أكد لنا جار آخر أن الوالدة صديقة زوجته، وقد خضعت قبل الحادثة المروعة بيوم واحد للرقية، لينصح الراقي أهلها بعدم تركها لوحدها أبدا. أما صديقتها في العمل، فقد كشفت لنا أن زميلتها (منية)، تغيرت أحوالها النفسية كثيرا بعد وفاة صديقتها الحميمة وجنينها معا قبل شهور فقط، حيث أصبحت كئيبة ولا تتحدث إليهم كما كانت من قبل. وقد استطعنا أن نتحدث إلى شاهد عيان بمسرح الجريمة، وهو أحد الجيران، ليؤكد لنا أن الوالد "عادل. ز"، الذي فقد والده منذ أقل من أسبوع فقط، هو أستاذ في التربية البدنية بثانوية طارق بسطح المنصورة، كان يوم الحادث بولاية عنابة لاستخراج وثائق خاصة بوالدته، وكان طوال اليوم يتصل بزوجته للاطمئنان عليهم، لتؤكد له في كل مرة أنهم بخير جميعا، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فحال عودة الوالد مساء إلى بيته، فتح باب الشقة ليتفاجأ بوجود جثة الطفلين هامدة، والأم واقفة متجمدة بمكانها لا تنطق ببنت شفة. وتعالى صراخ الزوج وأهله، ليقول لها وهو يضمها: "واش درتي يا منية واش درتي". وقد حولت جثة الطفلين إلى مصلحة حفظ الجثث لمستشفى ابن باديس الجامعي لتخضعا للتشريح الطبي، أما الوالدة فتوجد بمستشفى الأمراض العقلية ولا تزال في حالة نفسية صعبة جدا.