نحو 50 شخصية برتغالية تؤكد دعمها لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية    سوناطراك : حشيشي يتباحث بأبيجان فرص الشراكة مع وزير المناجم والبترول والطاقة الإيفواري    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الناطق بالأمازيغية في طبعته ال13    قسنطينة: دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    الوكالة الوطنية لدعم و تنمية المقاولاتية تطلق برنامجا وطنيا للنهوض بقطاع المؤسسات المصغرة    مالية: 2025 ستكون سنة تعزيز مسار الرقمنة بامتياز    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية    قوجيل: التضامن الثابت والفعلي مع الشعب الفلسطيني هو رهان العالم اليوم ومبدأ وطني للجزائر    سهرة الفنون القتالية المختلطة: عشاق الاختصاص على موعد مع 10 منازلات احترافية الجمعة بقاعة حرشة حسان    رئيس الجمهورية يعين واليين جديدين لولايتي وهران وسيدي بلعباس    افتتاح السنة القضائية الجديدة بولايات جنوب البلاد    ملبنات خاصة ستشرع في انتاج أكياس حليب البقر المدعم في 2025    المشروع سيكون جاهزا في 2025..خلية يقظة لحماية الأطفال من مخاطر الفضاء الافتراضي    حوادث الطرقات: وفاة 41 شخصا وإصابة 193 آخرين خلال أسبوع    السيد بلمهدي يشرف على انطلاق الدورة الثانية لتأهيل محكمي المسابقات القرآنية    أشغال عمومية: صيانة الطرقات ستحظى بأولوية الوزارة الوصية خلال المرحلة القادمة    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائر تتوج بثلاث ذهبيات جديدة في الجيدو وأخرى في الكرة الطائرة    منظمة التحرير الفلسطينية تدعو الأمم المتحدة إلى إلزام الكيان الصهيوني بإنهاء وجوده غير القانوني على أرض دولة فلسطين    مولوجي تستقبل رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني    تدشين "دار الصنعة" بالجزائر العاصمة, فضاء ثقافي جديد مخصص للفنون والصناعات التقليدية    لبنان: إصابتان في قصف للكيان الصهيوني جنوب البلاد في ثاني أيام الهدنة    ركاش يروّج لوجهة الجزائر    عطّاف يدعو إلى مبادرات فعلية وجريئة    شركات مصرية ترغب في المشاركة    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    الحكومة تدرس آليات تنفيذ توجيهات الرئيس    معسكر تحيي ذكرى مبايعة الأمير عبد القادر    الحسني: فلسطين قضيتنا الأولى    رئيس الجمهورية يجدد دعم الجزائر الثابت لفلسطين    كأس افريقيا 2024 سيدات/ تحضيرات : فوز الجزائر على اوغندا وديا (2-1)    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    الارتقاء بالتعاون العسكري بما يتوافق والتقارب السياسي المتميّز    الجزائر تؤكد على حماية العاملين في المجال الإنساني    ميناءا عنابة وجيجل بمواصفات عالمية قريبا    الجزائر مورّد رئيسي لأوروبا بالغاز    الإطار المعيشي اللائق للمواطن التزام يتجسّد    198 مترشح في مسابقة أداء صلاة التراويح بالمهجر    انتقادات قوية لمدرب الترجي بسبب إصابة بلايلي    عطال يتعرض لإصابة جديدة ويرهن مستقبله مع "الخضر"    مدرب فينورد ونجوم هولندا ينبهرون بحاج موسى    فحص انتقائي ل60900 تلميذ    بللو يدعو المبدعين لتحقيق نهضة ثقافية    "فوبيا" دعوة للتشبث برحيق الحياة وشمس الأمل    الجلفة عاصمة للثقافة والتراث النايلي    حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة    إرث متوغِّل في عمق الصحراء    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب والميديا: تعبير عن الذات أم ذوبان في الآخر (1/2)
نشر في الشروق اليومي يوم 21 - 04 - 2010

يقضي الشباب ما يزيد على الست ساعات يوميا ما بين التلفزيون والانترنيت والهاتف النقال كمستهلك للمواد الإعلامية المختلفة وكمستقبل ومرسل من خلال الوسائط الجديدة للاتصال واستخداماتها العديدة في مجال الشبكات الاجتماعية والدردشة والبريد الإلكتروني وغير ذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو، هل فتح الوضع الجديد المجال أمام الشباب للتعبير عن ذاته ومشاكله وهمومه؟ وهل سمحت هذه الوسائط الجديدة للشباب الخوض في الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي ليجد لنفسه مكانا للمساهمة والمشاركة في صناعة القرار؟ هل استغل الشباب هذه الفضاءات الجديدة لتأكيد وجوده كطرف هام في المجتمع وكشريحة اجتماعية يجب أن تُعطى نصيبها من المشاريع والاستراتيجيات التنموية التي تضعها الدولة؟ أم أن الفضاءات الجديدة زادت من تهميش الشباب واغترابه وعيشه في عالم افتراضي لا علاقة له بالعالم الواقعي الذي يوجد فيه؟ هل أدت فضاءات الاتصال الجديدة بالشباب إلى الذوبان في الآخر وإلى تبني قيما لا علاقة لها بالنسيج القيمي للمجتمع؟ هل الوضع الجديد هو عملية انجراف ثقافي وانهيار النسيج الاجتماعي والدخول في مرحلة الاغتراب وانفصام الشخصية؟ هل استطاع الشباب من خلال فضاءات الاتصال الجديدة اختراق الوضع الراهن واختراق النظام لتغيير الأوضاع وتصحيحها؟ أسئلة عديدة يطرحها الوضع الاتصالي الجديد في أوساط الشباب، نظرا للساعات العديدة الذي يقضيها هذا الأخير في التعرض واستهلاك المنتجات الإعلامية والاتصالية.
تقوم العديد من الوسائط الإعلامية بممارسات إعلامية وبتقديم رسائل إعلامية ومادة إعلامية لا صلة لها لا بالقيم ولا بالأخلاق ولا بأي شيء يتناسق مع الواقع الذي يعيشه الفرد في المجتمع. إن الاهتمام بعنصر الشباب يعتبر من أولى الأولويات في مجال التنشئة الاجتماعية والتثقيف والتوعية والتربية والتعليم، حيث أن الشباب يمثل أكثر من 65٪ من السكان في معظم الدول العربية ويعتبر الثروة الحقيقية، وبذلك يأتي الاستثمار في جيل المستقبل وفي ثروة البلاد كخطة استراتيجية ومنهج محوري ورئيسي لأية دولة عربية. هذه المعادلة لا نجدها إطلاقا في علاقة المؤسسة الإعلامية بالشباب، حيث نلاحظ تقديم رسالة إعلامية ساذجة للشباب بحجة أن »هذا ما يريده الشباب ويتلاءم مع أذواقه وحاجاته«، هل يحق للمؤسسات الإعلامية ومسؤوليها والقائمين بالاتصال تذويب الشباب في ثقافة الغير؟ هل يحق لها تهميش وتسطيح الأصالة والثقافة والهوية والشخصية العربية الإسلامية؟ هل يحق لها تغريب الشباب وسلخه من جذوره الحقيقية ومن قيمه العربية الإسلامية؟ هل يحق للمؤسسة الإعلامية أن تنحرف وتنجرف وتسيء للأخلاق ولكرامة الإنسان وهي التي تدخل مجالس الناس بدون استئذان؟ أسئلة كثيرة تراود كل من له غيرة على أصله وشرفه وأخلاقه وقيمه بعدما تخطت بعض المؤسسات الإعلامية في العالم العربي كل حدود الأخلاق والشرف والالتزام.
مما تقدم تستوقفنا أربعة إشكاليات رئيسية في الممارسة الإعلامية. أولا، البعد الأخلاقي. وثانيا، المسؤولية الاجتماعية. وثالثا، الحرية المسؤولة. ورابعا، غائية الممارسة الإعلامية؛ هل هي الربح أم الذوبان في الآخر أم التنشئة الاجتماعية أم تكريس الوضع الراهن أم التهميش والإقصاء أم ماذا؟
انتشار وظهور الصحافة الصفراء المقصود بالصحافة هنا المؤسسة الإعلامية بمختلف أشكالها وأنواعها سواء كانت جريدة أو مجلة أو إذاعة أو تلفزيون في الدول النامية لا مبرر له سوى أنه تقليد أعمى للغرب ومتاجرة بشرف المهنة وأهدافها النبيلة. ومع الأسف الشديد، انتشرت الظاهرة وتوغلت في أوساط المجتمعات النامية بحجة أن الجمهور حر في اختيار ما يتفق مع أذواقه وحاجاته. وهكذا نلاحظ نزوح صحافة همّها الوحيد هو تحقيق الربح عن طريق كشف الفضائح وأخبار الجنس والجريمة وأخبار المشاهير والنجوم محليا ودوليا. ففي الوقت الذي يعّول فيه المجتمع على المؤسسة الإعلامية بأن تقوم بدور استراتيجي وفعال في المجتمع يفاجأ بانتشار صحافة تستمد مقوماتها وقيمها من مجتمعات وأوساط غريبة عجيبة بعيدة كل البعد عن المجتمع العربي الإسلامي.
العبارة التي أصبحت متداولة في أوساط أصحاب صحافة الدكاكين وتجار صحافة الإثارة والفضائح هي "الجمهور يريد هذا النوع من الصحافة"، وهذا انطلاقا من مبدإ احترام أذواق الجمهور وما يريده. المغالطة الكبيرة هنا هي أن وسائل الإعلام هي التي تصقل أذواق الجمهور واحتياجاته وليس العكس. فالجمهور أو المستقبل عندما يتعوّد على منتج إعلامي معيّن، فإنه يتبنّاه ويدمنه ويحبه مع مرور الزمن. فإذا عوّدنا الجمهور على مادة إعلامية ملتزمة وهادفة تسهم في تكوينه وتكوين شخصيته وتساعد على تطوير ثقافته السياسية وثقافته العامة فهذا الجمهور يصبح يبحث عن الصحافة الجادة والصحافة الهادفة، أما إذا هربنا من المسؤولية الاجتماعية للصحافة وهربنا من مسؤولياتنا كمؤسسة إعلامية هادفة وفعالة في المجتمع وذهبنا نبحث عن غرائز المراهقين وإثارة شعورهم وغرائزهم وأحاسيسهم؛ في هذه الحالة نعتبر أنفسنا أننا غرسنا قيما وعادات في الجمهور وحولناه إلى جمهور يبحث عن أخبار الجنس والإثارة والفضائح وأخبار ساذجة تافهة لا فائدة من ورائها.
فما يريده الجمهور هو ما تعوّد عليه وما قدم له من رسائل من قبل وسائل الإعلام المختلفة. وما يجب الاهتمام به والنظر إليه بإمعان وجدية هو القيم الإخبارية التي تتبنّاها المؤسسة الإعلامية أو النظام الإعلامي بصفة عامة. فالقيم الخبرية هي زبده ما يقدم للجمهور وهي تلك الصور الذهنية التي تتراكم في مخزونه المعرفي وفي ذاكرته وتحدد سلوكياته في ما بعد. وهنا نتساءل ما هي القيم الخبرية التي تقدمها الصحافة الصفراء وما هي الأهداف التي تصبو إلى تحقيقها؟ المؤكد هنا أن الهدف الأول والأخير للصحافة الصفراء وصحافة الإثارة هو زيادة المبيعات أو عدد المستمعين والمشاهدين لرفع سعر الإعلان وبذلك زيادة الأرباح، أما غير ذلك فهو مجرد وسيلة للوصول إلى الهدف. ومن هنا نرى أن الصحافة الصفراء هي دخيلة على مجتمعاتنا وقيمنا وأخلاقنا وآدابنا وعاداتنا وتقاليدنا. والغريب في الأمر، أن أصحاب هذا الاتجاه أو مؤيدي صحافة الدكاكين يصرّون على أهميتها في المجتمع وأن الجمهور حر في اختيار ما يشاء والمنظومة الإعلامية من واجبها تقديم له ما لذ وطاب من المادة الإعلامية بمختلف اتجاهاتها وأشكالها وأنواعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.