خرج المئات من تلاميذ مختلف المؤسسات التربوية بولاية سكيكدة، صبيحة الأحد، في مسيرة احتجاجية، جابت مختلف شوارع أحياء الزرامنة وصالح بوالكروة، تضامنا مع زملائهم من متوسطة بورنان هدام، التي شهدت نهاية الأسبوع جريمة قتل شنيعة، راح ضحيتها التلميذ بوكرمة كمال، الذي توفّي بعد تلقيه طعنة غادرة في الحوض، وجهها إليه أحد المنحرفين من عصابة متكونة من أربعة أشخاص، ترصدوا له غير بعيد عن باب المتوسطة. المئات من التلاميذ وعدد من أوليائهم جابوا مختلف الشوارع، حاملين لافتات تطالب بالقصاص، في حق المجرمين، داعين إلى ضرورة وقف مسلسل العنف الحاصل بالمؤسسات التربوية، والعمل على تدارك ما يحدث من مهازل، بجوار متوسطة بورنان هدام وغيرها، متحدثين عن تجاوزات وممارسات لا أخلاقية مشينة في محيط المؤسسة، وسط حديث عن تنامي حالات العنف والاعتداءات اللفظية والجسدية في حق التلاميذ والتلميذات بمداخل المؤسسات التربوية، من قبل المنحرفين والمتسكعين. وقال الغاضبون من التلاميذ وأوليائهم، الذين تزايد عددهم بعد انضمام المئات من تلاميذ مختلف المؤسسات التربوية بما فيها ثانويات وابتدائيات منطقة الزرامنة، إنّ المنحرفين يضايقونهم ويتحرشون بهم ويقومون بالاعتداء عليهم باستعمال الكلاب المدربة، داعين إلى وضع حدّ لمثل هذه المهازل والكوارث. ورفض الغاضبون الالتحاق بحجرات الدراسة طيلة الفترة الصباحية من نهار أمس الأحد، على الرغم من تدخل مدير التربية الذي تنقل إلى متوسطة بورنان وحاول تهدئة الوضع والتحاور مع المحتجين والغاضبين، من التلاميذ وأوليائهم، غير أن رقعة الغضب والاحتجاج سرعان ما توسعت بشكل رهيب، بعد أن انضمت إلى المسيرة والدة الضحية كمال بوكرمة، رفقة عدد من أفراد عائلتها، إذ خرج المئات تضامنا معها ومن مختلف المؤسسات التربوية، هاتفين: الله أكبر.. الله أكبر.. نفديك يا كمال، مطالبين بالقصاص من الفاعلين في هذه الجريمة البشعة المروعة التي تعتبر سابقة فريدة وغريبة من نوعها بولاية سكيكدة. وندد التلاميذ وأولياؤهم وعائلة الضحية كمال بوكرمة، بالإهمال والإهانة الكبيرين اللذين تعرض لهما زميلهم الضحية، بحيث لم تكلف مديرية التربية نفسها عناء التنقل وحضور جنازة الراحل، التي أقيمت بمقبرة الزفزاف.
هذا آخر ما طلبه كمال من والدته! والدة الضحية كمال بوكرمة قالت باكية ل "الشروق": "في يوم مقتل ولدي، في الساعة الواحدة ظهرا، اتصلّ بي هاتفيا وقال لي: يمّا راني رايح نفوت الفرض، وبربي إن شاء الله نخدم مليح، ادعي لي برك يمّا العزيزة.. قبل أن يطلب منها: يمّا كون نخدم مليح راني حايب اديري لي "البراج واللبن"- انهارت ثم استعادت القدرة على الكلام- شريت الغرس دقلة واللبن ورايحة من الخدمة للدار مساء باه ندير لوليدي البراج.. حتى اتصلوا بي، قائلين لي: كمال تعرّض لطعنة خنجر".. مضيفة: وليدي مات الله لا تسامحهم، ولن أرضى بغير القصاص.. قائلة بأنها تعيش ظروفا قاسية وصعبة رفقة أبنائها، لأنها مطلقة ومن دون عمل وعاشت ظروفا قاسية من أجل تربية وتنشئة أبنائها، قبل أن يختطف هؤلاء أحد أعزّ أبنائها. وتعرف عاصمة الولاية سكيكدة، لا سيما الجهة الشرقية منها، التي سجلت وفاة كمال بوكرمة بهذه الطريقة الشنيعة، غليانا واستياء كبيرين، ما استدعى تنقل رئيس الدائرة كممثل شخصي للوالي قصد التحاور مع الغاضبين. كما تعرف المنطقة تعزيزات أمنية اسثتنائية لمنع انفلات الوضع الأمني، وقال رئيس الدائرة، إن مشاكل وانشغالات المحتجين سيتمّ معالجتها في أقرب الآجال، وإنّ المصالح المختصة بما فيها السلطات الولائية، تتابع هذه الحادثة الأليمة، وتعمل على تنفيذ مطالب عائلة الضحية، والنقائص المطروحة من قبل أولياء التلاميذ بالمؤسسة. يحدث هذا في الوقت الذي توجه فيه السكان وعائلة الضحية والتلاميذ بجزيل الشكر والعرفان إلى وحدات الشرطة بالولاية، التي سارعت إلى الوقوف معهم منذ الوهلة الأولى لوقوع الحادثة.