شهدت حاضرة العلمة، ليلة الخميس، فوز العرض التونسي "ريش النعام" بالجائزة الكبرى "الطير الذهبي" للأيام الوطنية الثانية للمسرح التجريبي (طبعة عربية)، وعرفت التظاهرة افتكاك العرضين الجزائريين "هدوووء" و"أنا والماريشال" لأربع جوائز في محفل اختتم بلوحة جزائرية تونسية مبهرة. غداة 96 ساعة من التنافس الركحي الراقي، عادت جائزة الطير الذهبي ل جمعية الشهاب المسرحي من جمهورية تونس عن مسرحية "ريش النعام" التي أثارت الإعجاب عبر مقاربتها المبتكرة للعمق التونسي المثخن بواسطة ثلة من الشباب اليافع الذين أجاد الفنان "محرز الغالي" توجيههم. وفازت الجمعية الثقافية للفنون الدرامية "صرخة الركح" لمدينة تمنراست، بجائزة الطير الفضي عن مسرحية "هدوووء"، كما نالت "وهيبة باعلي" من الجمعية ذاتها جائزة أحسن ممثلة. وحازت تعاونية "الباهية" للمسرح والفنون لمدينة وهران، على جائزة الطير البرونزي عن عرض "أنا والماريشال"، وهو العمل الذي توّج أيضا بجائزة أحسن ممثل إثر الأداء المتفرد ل "فؤاد بن دوبابة". وآلت جائزة لجنة التحكيم إلى الجمعية الثقافية "كازا" لمدينة العلمة عن مسرحية "سوصول"، بينما مُنحت جائزتان تشجيعيتان ل "مسرح الكل للكل" من جمهورية تونس عن مسرحية "ثورة الموتى"، و"مسرح البليري" لمدينة قسنطينة عن مسرحية "آش كلبك مات".
التجريب عبور وكسر للسائد قبل إسدال ستائر تظاهرة رعتها وزارة الثقافة وولاية سطيف، ونظمتها التعاونية الثقافية "ميلاف" للمسرح وفنون العرض بمساهمة كوكبة من الشركاء الاقتصاديين الغيورين على الثقافة، ركّزت لجنة التحكيم في تقريرها على كون التجريب المسرحي يقوم في أساسياته على كسر النمطي والمعلّب والراسخ والمتوارث، ويجنح هذا التجريب بشكل أساسي إلى إيجاد رؤى وأشكال وبنى وأساليب وأنساق وجماليات مسرحية مختلفة عن جميع القواعد السائدة، وذاك يفرض الاكتشاف وإعادة الاكتشاف والاستكشاف. وقالت اللجنة إنّ التجريب المسرحي يتأسس على التجسيد، وتوظيف الرموز والاستعارات، واللعب على كل أوتار الخيال البشري، بهدف دفع حدود الإبداع والابتكار لأبعد مسافة ممكنة، وتوسيع الآفاق على درب عملية مسرحية تعبر الفعلي والمتخيل إلى ما لا نهاية. وفي اشتغالها على العروض الستة المشاركة في دورة 2017، انتقدت لجنة التحكيم "الفقر الكبير" في العروض وابتعاد غالبيتها عن روح التجريب، بيد أنّها نوّهت ببروز عدة طاقات تمثيلية متميزة، وعليه أوصت بتوخي جدية أكبر في التحضير للمسرحيات التجريبية، وتوخي الصرامة اللازمة في انتقاء العروض المؤهلة لنهائيات المسرح التجريبي في قادم الدورات. وحثّت اللجنة إدارات جميع المسارح والتعاونيات والجمعيات على المستوى الوطني لتفعيل ورشات تدريبية واستحداث مخابر جوارية متخصصة في التجريب المسرحي، على أن تكون ممتدة في الزمن، وتستمر سنويا، كما أهابت لجعل التجريب كسياسة فنية وجمالية دائمة، ودفع هذا التجريب وفق بحث جاد وجدي ينتصر للتصور الحقيقي الواجب بموروثاته السابقة، وإشكالياته الراهنة وتحدياته الآتية، منادية باستحداث مركز وطني للدراسات في التجارب المسرحية، مع افتتاح موقع أنترنيت خاص بالتجريب في المسرح، يكون نافذة تفاعلية بين ناشطي أب الفنون. وفي مقابل اقتراحها إنشاء جائزة سنوية لأحسن بحث حول موضوع "المسرح والتجريب"، طلبت لجنة التحكيم من وزارة الثقافة لترسيم هذه التظاهرة المتفردة كمهرجان وطني، وتنظيم ملتقى فكري سنوي متخصص في التجريب، مع استحداث مناظرات ركحية بين المجرّبين للأفكار الجديدة، على درب مواكبة أجمل. والقادم أحلى في العلمة.