أعلن مسؤول في مشروع إنجاز مركب بلارة، الجمعة، عن الشروع في أولى المراحل التجريبية للإنتاج نهاية الشهر الجاري، لتحقق شراكة جزائرية قطرية حلما دام أكثر من أربعين عاما، وليصبح المركب المرتقب أحد الأقطاب الصناعية الهامة بمنطقة شمال إفريقيا والوطن العربي. نقلت وكالة الأنباء الرسمية على لسان "سفيان شايب ستي" المدير العام المساعد لمشروع "بلارة" تأكيده أنّ ولاية جيجل ستشهد حدثا تاريخيا في غضون الثلاثة أسابيع القادمة، مع تفعيل الرئة الثانية لصناعة الحديد والصلب بالجزائر بعد مركب "الحجار" بعنابة. وأفيد أنّ قدرة إنتاج مصنع "بلارة" ستربو عن المليوني طن سنويا من الحديد الموجه للبناء، على أن يصل إلى 5 ملايين طن في المستقبل وهو ثمرة شراكة استثمارية على أساس قاعدة 51/49 بالمائة بين كل من مؤسسة ''سيدار" والصندوق الوطني للاستثمار وقطر ستيل إنثرناشيونال''. هذا المركب الذي كلّف إنجازه ما يزيد عن الملياري دولار، وتكفلت شركة إيطالية بالأشغال، يضم 10 وحدات تتمثل في وحدة الاختزال المباشر، حيث يتم تنقية الحديد الخام وتحويلها والوحدات الثلاث للدرفلة باعتبارها نواة المركب، ويتم إنتاج الحديد بمختلف أنواعه حسب الطلب وحسب دراسة السوق، بالإضافة إلى فرنين كهربائيين ومحطة للغاز الطبيعي ومحول كهربائي ومصنع للجير ووحدة لمعالجة المياه. وبعد أن أعطيت إشارة انطلاق إنجازه في مارس 2015 من طرف الوزير الأول "عبد المالك سلال"، جرى استكمال الأشغال على مستوى وحدة الدرفلة الأولى بهذا المركب الذي يتربع على 216 هكتار من أصل 532 هكتارا تحتلها المنطقة الصناعية ل "بلارة" بالميلية التي تبعد ب 45 كلم شرق جيجل. واستنادا إلى تقرير قدمته في 28 مارس الأخير، أشارت إدارة مشروع مركب الحديد والصلب لبلارة، بأنّ أشغال ربط المركب بالطاقة الكهربائية على خط واد العثمانية- الميلية (65 كيلومترا) بضغط 400 كيلوفولط، فضلا عن ربط المنطقة الصناعية ككل لبلارة بالمياه، انطلاقا من سد "بوسيابة" بأعالي الميلية. وصار الربط جاهزا قبل دخول المركب مرحلة تجارب الإنتاج، فيما ينتظر أن تستكمل الأشغال بوحدتي الدرفلة نهاية السنة الحالية.
خفض 10 مليارات دولار من الواردات تراهن السلطات على تحقيق هذا المركب العملاق ل "تغيير جذري"، عبر تقليص فاتورة استيراد الفولاذ التي زادت عن العشر مليارات دولار. وترى وزارة الصناعة في جوهرة "بلارة" فرصة نوعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من احتياجات الجزائر في مجالات البناء والأشغال العمومية، ناهيك عن الفولاذ المسطح المستعمل في صناعة السكك الحديدية، والتطورات الحاصلة في مجال صناعة السيارات والبواخر والمدرجة ضمن المخطط الخماسي الذي أقرته الحكومة الحالية بهدف الوصول في السداسي الثاني من سنة 2018 إلى إنتاج 4 ملايين طن سنويا من الحديد، وسدّ ثغرة واردات الجزائر من الحديد ب3 ملايين طن تمثل نسبة 60 في المائة من الاستهلاك الوطني. وعلاوة على ذلك، يُعتبر مصنع بلارة ''دفعة قوية لانعاش مركب الحجار"، بعدما عرف الأخير هزات كثيرة خلال السنوات الماضية، ومن شأن تفعيل "بلارة" أن يفتح المجال واسعا أمام صادرات الحديد نحو الخارج في آفاق سنة 2019 بعد تنامي الاستهلاك والطلب العالمي منذ سنة 2013 بانتعاش وتزايد نسب النمو المحققة لدى العملاق الصيني المستهلك الرئيسي للحديد والصلب.
4 آلاف منصب عمل واستثمار صغرى المؤسسات سيسهد مصنع "بلارة" في تخفيض مستويات نسبة البطالة المسجلة بجيجل، عبر فتح 3 آلاف منصب عمل قار و1500 منصب غير مباشر، كما سيضفي المركب ديناميكية جديدة على عاصمة "الكورنيش" والمدن المجاورة بشرق البلاد، لاسيما في مجال النقل واستغلال ميناء "جن جن" الذي يبرز كبوابة بحرية نحو أوروبا وباقي العالم، إلى جانب شبكة السكة الحديدية، والاستلام المنتظر للطريق المخترق بين ميناء "جن جن" و"العلمة" (سطيف) على مسافة 110 كلم ومشروع الطريق السيار الميلية - ديدوش مراد (قسنطينة) المنفذ البري لمختلف أنواع الفولاذ المنتجة ببلارة نحو مختلف ولايات الوطن. ويشكّل مركب "بلارة" فضاءً واسعا للاستثمار لمئات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سوق المناولة الذي لا يزال محتشما.