تكتظ بيوت الله عن آخرها في صلاة التراويح فيتسابق الكهول، الشباب والمسنون على أدائها بل ويتنافسون على حجز الأماكن المناسبة كي لا يفوتوها، في الوقت الذي تبدو فيه بيوت الله شبه خالية في باقي الصلوات المفروضة. وهو ما يثير الدهشة في مصلين يقدسون النوافل ويضيعون الفرائض. استنكر الأئمة تقديس عديد المصلين لصلاة التراويح وهي من السنن على حساب بعض الصلوات المفروضة، فيتساهلون في أدائها وهناك فهناك من يؤخرها أو يجمعها فيما يرى في صلاة التراويح ضرورة يستحيل عليه التخلي عنها. ووصف الإمام الشيخ جمال آيت عيسى، هذه الظاهرة بمداخل إبليس ومن باب الاغترار فالشيطان لا يوسوس لابن آدم بالشر فقط بل يفتح له باب الاهتمام بالنافلة والتفريط في الفرائض، ولا يقتصر الأمر على صلاة التراويح فقط فهناك نماذج متعددة في حياتنا اليومية كبعض الأبناء العاقين لأوليائهم لكنهم حريصون على صيام التطوّع يوم الاثنين والخميس، وهناك من يقبل على قيام الليل ولكنه لا يستيقظ لصلاة الفجر. وأكد الشيخ على أن صلاة التراويح سنة من سنن النبي "صلى الله عليه وسلم"، وقد حث عليها سيدنا عثمان بن عفان فهي من فقه التعبد. وهناك أعمال خاصة في رمضان وخصوصيات من فقه التعبد كقراءة القرآن، الصدقة، قيام الليل، عسى أن يكون في تلك الليلة عتقاء من النار فما الفائدة من قيام الليل والتراويح أي النوافل على حساب الفريضة. وهو ما ذهب إليه إمام مسجد الأغواط محمدي عمر، فالأولى أن يحرص المؤمن على الفرائض أما النوافل والسنن الباقية فهي في متناوله متى استطاع وأن يكثر أو يقل فيها ما يشاء، والأصل الفرائض الحفاظ عليها فبها يتقرب إلى المولى عز وجل فالفريضة في رمضان يتضاعف أجرها إلى 70 فريضة في سائر الأيام، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل فرض صيام وسننت قيامه". فبعض العلماء ذهبوا للقول بأن صلاة التراويح تعادل قيام الليل لقوله "صلى الله عليه وسلم": "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، وقد ورد أيضا عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى فيه سبعين فريضة فيما سواه". وحذر الشيخ محمدي من الاستهتار بالفرائض داعيا لضرورة الحفاظ عليها، فالشهر الفضيل هو شهر الصبر يتحمّل فيه الصائم مشاق الجوع والعطش وتعب عمله ويحافظ على الفرائض حتى ينال أجر الصيام كاملا غير منقوص.