سارعت وزارة التجارة إلى توسيع قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد إلا برخصة، لتشمل هذه المرة منتجات واسعة الاستهلاك، على غرار الملابس ومواد التجميل والعطور وكريمات العناية بالشعر، وهو ما تضمنته الوثيقة المصادق عليها من طرف جمعية البنوك والمؤسسات المالية أمس الأول، الأمر الذي بات ينذر بارتفاع حاد في أسعار هذه المواد، وعودة ما يعرف بتجارة "الكابة" و"الطراباندو"، وتوسّع أزمة السيارات التي تشهدها السوق منذ سنوات، لتشمل هذه المرة منتجات شديدة الطلب من طرف الجزائريين. ويرى إسماعيل لالماس، خبير التجارة الخارجية ومستشار جمعية "الجزائر استشارات للتصدير"، في تصريح ل"الشروق"، أن كبح الواردات سيساهم في تخفيف العجز عن الميزان التجاري الذي يجابه صعوبات كبرى، بسبب تراجع مداخيل الخزينة جراء الأزمة النفطية منذ سنة 2014، وارتفاع قيمة الواردات سواء السلع أو الخدمات مقارنة مع الصادرات. إلا أن هذا الإجراء، يتطلب حسب لالماس، دراسة معمقة قبل منع أي منتوج من دخول السوق، أو اعتماد نظام الكوطة والحصص، وهي الخطوة التي تبنتها وزارة التجارة، وكذا مراقبة صارمة للقنوات غير الرسمية لتمرير السلع من الخارج، وتحدث في هذا الإطار عن عودة "طراباندو" الثمانينات وتجارة "الكابة"، من خلال الاستيراد بكميات محدودة وبطرق ملتوية، وتحويل الأموال بالسوق السوداء وبعيدا عن أعين الضرائب. ويضيف "لالماس" أن المستوردين سيعملون على إغراق السوق بهذه المنتجات المستوردة من أوروبا والصين، عبر طرق غير قانونية، وسيلهبون سعرها في السوق الوطنية في ظل الندرة التي ستشهدها هذه المواد، والتي سيتكرر معها سيناريو أزمة السيارات وارتفاع أسعارها منذ سنة 2015، مقترحا إمّا فتح باب الاستيراد للخواص، بأموالهم الخاصة بالعملة الصعبة، من دون أن تتولى الخزينة العمومية أو البنوك إجراء التوطين البنكي لصالح المستوردين مثلما هو متعامل به حاليا، أو السماح للمصدرين بتحويل نصف مداخيلهم بالعملة الصعبة لواردات، وهذا لضمان استقرار السوق وتوفر السلع للمواطنين الذين تعودوا على سياسة السوق المفتوحة. ويحصي المتحدث 43 ألف مستورد في الجزائر، معظمهم يشتغلون منذ أزيد من 10 سنوات في السوق، ويوظفون الآلاف، ويعيلون عائلات، وهو ما يتطلب ضرورة المرونة بشكل أكبر في التعاطي مع ملفهم، من خلال التضييق عليهم في جانب إخراج العملة الصعبة للخارج حفاظا على التوازنات المالية للبلاد، ولكن من جهة أخرى مراعاة ضرورة تحوير نشاطهم إلى قطاعات أخرى من شأنها خدمة الاقتصاد الوطني، ودر العملة الصعبة في الخزينة العمومية. وكانت قد وجهت الأربعاء، الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية مراسلة للبنوك التجارية أوضحت من خلالها المواد الجديدة المعنية بتعليق الاستيراد، وتضمنت القائمة الطلاء والدهن، مواد التنظيف المستعملة للأرضية والزجاج والأواني والملابس، ومواد التجميل والعناية بالبشرة والشعر والجسم، إضافة إلى العطور، مزيل الجراثيم، ألعاب أطفال، رضاعات، وحسب المراسلة ستخضع هذه المواد إلى نظام رخص الاستيراد، وتندرج هذه التعليمة في إطار الإجراءات المتخذة مؤخرا للقضاء على التصريحات الكاذبة للاستيراد، كما أن العديد من هذه المواد باتت تشكل خطورة على صحة المواطن.