في أول قضية لمحكمة الجنايات بتبسة، التي اختتمت السبت الفارط، وقف الجميع مذهولا وعجز كل من كان حاضرا عن الحديث، خاصة في لحظة تدخل هيئة الدفاع لصالح المتهمين الثلاثة بجريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد ويتعلق الأمر ب(ن. نوار، 23 سنة) و(ت. فيصل، 21 سنة) و(ت. مراد، 21 سنة)، حيث قضى هؤلاء أكثر من ثلاث سنوات في الحبس المؤقت بتهمة قتل التاجر (س. رابح) بحي الزهواني بتبسة، وقد انتظر الجميع حكم الإعدام والمؤبد على الأقل، وهو مطلب من مطالب النيابة التي التمست السجن المؤبد إلا أن تقرير الأمن العسكري بتبسة من خلال إعترافات إرهابيين وتائبين ومحبوسين أبطل بالدليل والبرهان تورط المتهمين الثلاثة واتضح أن القاتل الفعلي والحقيقي هو الإرهابي (ي. إ) المدعو "رضوان". والملفت في القضية أن المتهم الأول (نوار) قال أن شدّة التعذيب، وهو ما أبانته الشهادات الطبية والطبيب الشرعي أنه نسب الجريمة إليه أمام الشرطة ليتخلص من التعذيب بآلة "كباشة" وهي الآثار التي كشفها أمام هيئة المحكمة التي نطقت بحكم البراءة لصالح المتهمين والتي تتمثل وقائعها في أن الضحية (س. مراد) المقيم بحي سكانسكا وصاحب وكالة هاتفية بحي الجرف قام بغلق محله مساء الرابع من شهر فيفري 2005 وسلك طريق حي الزهواني راجلا، قاصدا منزله، إلا أن عودته لم تكن كما كان منتظرا ومتعوّدا عليه أهل الدار الذين تفاجأوا في الصباح من اليوم الموالي بالعثور عليه ميتا وآثار الضرب بادية على رأسه ويداه مفتوحتان فوقهما حجرتين كبيرتين. وبعد نقل الجثة إلى المستشفى والتشريح، فتحت مصالح الشرطة تحقيقا للوصول إلى الجناة، ليتم التوصل إلى المتهم الأول بناء على تصريح والد الضحية والذي أكد بأن ابنه كان على خلاف مع (ن. نوار) وهو الخيط الذي تمّ الإعتماد عليه، أين تمّ توقيف المتهم الأول ورفيقيه بناء على أساس أنهما كانا غائبين ليلة الجريمة وأنهما تعودا على شراء الأقراص المضغوطة الخاصة بأفلام العنف!؟ وما إن وصل دور هيئة الدفاع حتى بدأت الحقيقة تنجلي وتتضح مع مرور الدقائق، حيث أكد الأستاذ ڤواسمية محمد، بأن هذه القضية هي مأساة دفع ثمنها 03 شبان حياتهم في السجن المؤقت وهم براء من هذه الجريمة بناء كما قال على (ملف دقيق) والذي هو عبارة عن تقرير إخباري لمصالح الأمن العسكري، والذي قام الأستاذ المحامي بإخراجه أمام ذهول الجميع، مؤكدا وملخصا أن التقرير أشار بالوضوح أن الضحية قُتل من طرف الإرهابي (ي. إ) المدعو رضوان قبل صعوده للجبل بساعات بواسطة "شاش"، ثم رماه بحجر على الرأس وهذا بناء على اعترافات إرهابيين موجودين في السجن. وبعد المداولة، أصدر القاضي حكما بالبراءة للمتهمين الذين كاد أن يغمى عليهم من شدّة الفرحة، لأنهم لم يكونوا يصدقون بأن هيئة المحكمة ستنصفهم وتبرئ ساحتهم من جرم لا علاقة لهم به. وبمجرّد بلوغ أهالي المتهمين خبر البراءة، عمّت الفرحة وتحوّل أقاربهم أمام مؤسسة إعادة التربية لاصطحابهم إلى منازلهم. يبقى في الأخير، الإشارة إلى مسألة أخرى على صلة بالملف وهو عن مصير الضحية من الجانب القانوني، وهل بإمكان أهله تسجيله ضمن قوائم ضحايا الإرهاب؟ وهل بإمكان الأقارب الإستفادة من الحقوق المادية مادام أن محكمة الجنايات برّأت من لا ذنب لهم، كل هذا جدير بالمتابعة والذي سيعرف خلال الأيام القادمة.