تملَّكني الرعب من الصور التي أعادت تذكيرنا بما لا نريد أن نتذكره بعد أحداث 5 أكتوبر 88 وما نجم عنه من تعددية أدت في نظر السلطة والتلفزيون إلى العشرية الحمراء.. خفتُ على أبنائي وعلى مستقبل أبنائهم، مع وضع يراد لنا أن نقبل به ونطبِّق قاعدة "الوالفة خير من التالفة"، فطلبت من أبنائي التزام الهدوء إلى غاية 2022، نهاية البرنامج الإنعاشي لاقتصادٍ وخزينة في حالة موت سريري.. قلت لهم: ديروا الثقة في السلطة، لكن عليكم بالعمل والصرامة وعدم الاتكال على الدولة من الآن فصاعدا، انتخبوا واذهبوا للفوط جملة وتفصيلا، واعملوا وافتحوا أعينكم، راكم شفتوا ما وقع في العشرية السوداء، اتقوا الله وبلّعوا أفواهكم إلا ما تقتاتون به من أيدي السلطة. نمتُ على هذه الوصيَّة التي قلتُها على مضض بعد أن بقيت شهرين على مرض، نمت لأجد نفسي في 5 أكتوبر 2022. الحمد لله: الدنيا بخير والشعب الباقي، خير من والو.. شعب الله محتار في أمره، ما زلت موظفا "حكو أميا"، براتبٍ زاد في الصعود لم أكن أتصوّره، صرت موظفا ميليارديرا، بل أصبح عدد المليارديرات يُعدُّون بالملايين.. تقريبا كل الشعب ميلياردير! لا أخفي عنكم سرا إن قلت لكم إن "الفيش دوباي" نتاعي في وظيف عمومي، بلغ مليار سنتيم! لا تصدقون!؟ نعم، راتبي هو مليار سنتيم شهريا، صدقوا أو لا تصدقوا، فما بالك بالموظف السامي بالجوج و"الما حامي" ورجل الأمن والأستاذ الجامعي وبقية موظفي الدولة.. أقلهم شأنا راتبه 5 ملايير سنتيم شهريا، أما أهل المهن والحرف والتجار ورجال الأعمال فرقمُ أعمالهم لا يعلمه أحد! لكن، بالمقابل، اسألوني شحال راها تدير باقيطا خبز عادي؟.. 15 مليون سنتيم للخبزة! كيلو بصل بزوج ملايين! القارو ب"سات صان ميل"! أمس اتصلت بصديق محام أطلب منه أن "يسلف لي 500 مليون باش نكمَّل رأس الشهر! وأول أمس جاوني الضياف، سلفت لعشاء عادي بلا لحم 12 مليونا باش درت لعشا! لكي تفليكسي لمكالمة، يخصّك تفليكسي على الأقل 50 مليون (ما يعادل 100 دج قبل 5 سنوات). لتر البنزين العادي بمليون وميتين! المازوت بناف صان ميل! لا أتحدث عن سعر السيارات لأن رأسك لن يتحمَّل.. تحسب نفسك ميلياردير؟ راك غالط.. ملياردير فقير.. تخلُص 15 مليارا، تجبر روحك تسلف 10 ملايير باش تكمَّل الشهر! كل الناس فيهم الكريدي، التالي فينا فيه 4700 مليار دينار كريدي!.. أما الدولة فلا تسأل عن ديونها الداخلية (الخارجية.. الله أعلم!) الدينار الجزائري صار يضحك من الأورو والدولار: الدينار يقول للأورو: يا وحد الرخيس.. شحال ما تزيد.. شاريك شاريك!.. ..إيه.. نسيت.. أبّاطا شمَّة ب50 مليون أي بقدر سعر الحج قبل 5 سنوات! معناها، إما أن تحجّ أو تشمّ! أما الحج، فقد انخفضت كوطة "شعب الله المحتار" من 1000 حاج في المليون إلى حاج واحد في المليون.. ونحن الآن في حدود 45 مليونا.. معناه عدد الحجاج هو 45 فقط.. أعضاء الحكومة المؤمنون غير اللائكيين وبعض كبار التجار ورجال الأعمال! وقد تم استصدار فتوى عدم الاستطاعة لمن لا يبلغ راتبه 5000 مليار دينار!.. والحمد لله على نعمة المطبعة ولا حول ولا قوة إلا بالله من التضخُّم.. وأعوذ بالله من "شيطان الريجيم"!