نجل الشهيد الرنتيسي رفقة موفد الشروق الى غزة آخر كلمة سمعتها منه "أن تدخلني ربي الجنة.. هذا أقصى ما أتمنى" = من هو أحمد عبد العزيز الرتنيسي؟ == أنا أحمد نجل القائد عبد العزيز الرتنيسي، من مواليد 1983، أصبت في الحادث مع والدي سنة 2003، في محاولة الاغتيال الأولى، وكانت إصابة بالغة، لا زلت أعاني من آثارها إلى اليوم، وبعد عشرة أشهر استشهد والدي في عملية الاغتيال سنة 2004 . = هل كنت مع والدك في عملية الاغتيال التي استشهد فيها؟ == أنا أوصلته إلى السيارة، وعدت إلى البيت قبل دقيقة واحدة من سقوط الصاروخ، حيث استشهد مرافقان لوالدي وارتقى والدي كذلك شهيدا عند ربه. = هل تذكر آخر حديث دار بينكما قبل استشهاده؟ == آخر كلام سمعته من والدي، ولأول مرة أسمعه يقول "أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى" = هل تذكر صبيحة ذلك اليوم أي أمر خاص أو خارج عن المألوف بدر من والدك قبل أن ينام؟ == بصراحة ذلك اليوم هو اليوم الوحيد الذي قضاه معنا في البيت بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين، حيث كان والدي في مكان سري، ولم نكن نعرف مكان وجوده، وفي يوم السبت 17 أفريل 2004، أتى إلى البيت قبل الفجر وقضى معنا اليوم لأنه غاب عنا لفترة طويلة، وكان يوم مميز حيث لا حظنا إشراقة في وجهه وقبل ذلك لم نكن نراه على تلك الحالة، ويبدو أنه نور الشهادة، كان يوما مميزا، فقد أخبرنا كذلك بأنه سعيد للغاية، لأنه قضى كل ما عليه من ديون، حيث تحصل على كل مدخراته من الجامعة الإسلامية، وأعاد الديون إلى أصحابها، وقال يومها كلاما لا زال يرن إلى اليوم في أذني حيث قال: "بإمكاني الآن أن أخرج من الدنيا متى قدر الله لي ذلك، لأني أعدت كل الديون التي كانت على عاتقي". وأذكر يومها أني كنت أحضر لامتحان في مادة اللغة العربية، وكان والدي رحمه الله، متمكنا جدا في اللغة العربية والبلاغة والنحو، حيث درسني ذلك اليوم للامتحان، وكانت نظرته إليّ نظرة مودع، وكان يوما من أجمل الأيام التي قضيتها معه. وفي المساء أصر الوالد على ارتداء أجمل ما لديه من ثياب، حتى أن أختي قالت له: "ما شاء الله، تبدو اليوم كالعريس" وكانت هذه آخر كلمة قالتها له أختي، ثم خرجت معه إلى السيارة، وكان آخر لقاء مع والدي. = الجزائريون يعرفون الشيخ الرنتيسي معرفة جيدة، ويعتبرونه شخصية موازية لشخصية الشيخ الشهيد أحمد ياسين، كيف كان الرنتيسي يتعامل مع زوجته وأولاده؟ == بصراحة، كان رائع المعاملة، كان متخذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير قدوة، في المعاملة مطبقا للحديث "خيركم خيركم لأهلي وأنا خيركم لأهلي" فكان حسن المعاملة معنا نحن كأبناء، وربانا تربية إسلامية خالصة، وكان بارا بوالدته، وودودا مع أمي وهي زوجته، لا أذكر يوما ضرب فيه أحدا منا، وكانت تربيته لنا بمجرد النظر إلينا نعرف الخطأ الذي ارتكبناه ولا نعود إليه. وكان كثير المزاح في البيت، حيث كان يفضي عليه جوا من المرح والسعادة، وهنا تذكرني قصة حدثت في البيت، إذ تصرفت أختي بطريقة أغضبت والدتي، فضربتها أمي بالشوبك (خشبة لترقيق العجين)، وعندما عاد والدي ووجد أختي في حالة حزن، علم بالأمر وعالج المشكلة بأروع طريقة، معتمدا على براعته في الشعر، وعندما غير ملابسه وهم بالخروج، وفي طريقه إلى الباب نظر إلى أختي، وقال لها: "لا تعجبوا يا إخوتي .. وأنا التي بالشوبك الملفوف كانت علقتي" فتحول من المشهد من الغضب والحزن إلى الضحك والمرح وانتهت المشكلة. فكان مجرد دخوله إلى البيت يفضي جوا من السعادة والمرح والمزاح، كان حسن الخلق مع الجيران، حيث يشاركهم في جميع المناسبات، ففي الأعياد كان أول من يزور الجيران، حتى مع الأرحام لم يقطع رحما قط، وكان دائما يزور أقاربه بمن فيهم كبار السن من أطراف العائلة، وإلى الآن لا زالوا يذكرونه بخير. = والآن كيف هي أحوال العائلة؟ == الحمد لله، نحن بخير، فنحن كعائلة نشعر بأن روحه بيننا تعيش في البيت، لذلك لا نشعر أننا في فقدناه حقيقة. = هل من كلمة توجهها للجزائريين؟ == أنا ذهبت إلى الجزائر سنة 2006 ورأيت كم أن الشعب الجزائري متعاطف وعاشق لفلسطين، ولشعب فلسطين، أسأل الله أن يجمعنا عن قريب في بيت المقدس، وقد حرر على أيدينا وأيديهم بإذن الله، وأن نلتقي في جنان الله.