منح الرئيس بوتفليقة الضوء الأخضر لحكومة أحمد أويحيى، للشروع في طبع الأوراق النقدية، وذلك بعد 72 ساعة فقط من مصادقة البرلمان على تعديل المادة 45 مكرر من قانون القرض والنقد التي تُرخص للخزينة العمومية بالاقتراض من البنك المركزي لمدة 5 سنوات. تم اعتماد التعديل المقترح على قانون القرض والنقد، بصفة رسمية، ووقع بوتفليقة قرار دخوله حيز التطبيق بإصداره في العدد 57 من الجريدة الرسمية، حيث يقوم بنك الجزائر ابتداء من دخول هذا الحكم حيز التنفيذ بشكل استثنائي ولمدة 5 سنوات، بشراء مباشرة عن الخزينة، السندات المالية التي تصدرها هذه الأخيرة من أجل المساهمة على وجه الخصوص في تغطية احتياجات تمويل الخزينة، تمويل الدين العمومي الداخلي، تمويل الصندوق الوطني للاستثمار. وحسب تعديل القانون، تنفذ هذه الآلية لمرافقة تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانية والتي ينبغي أن تفضي في نهاية الفترة إلى توازنات في خزينة الدولة، توازن ميزان المدفوعات وتحدد آلية تنفيذ هذا الحكم من طرف الخزينة وبنك الجزائر عن طريق التنظيم. وبالرغم من أن قرار الحكومة باللجوء إلى التمويل غير التقليدي، قد أثار جدلا واسعا، وعرف مقاومة من طرف المعارضة في المجلس الشعبي الوطني، لكن الحكومة نجحت في نهاية المطاف بتمريره على غرفتي البرلمان بفضل مساعدة نواب الأحزاب الموالية للسلطة، في حين فشل نواب المعارضة في تمرير تعديلاتهم ال6 المقترحة على القانون سواء تلك المتعلقة بإلغاء التمويل التقليدي أو تخفيض مدة تطبيقه إلى سنة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، أو التأطير القانوني والتشريعي للمصارف الإسلامية. وترفض الحكومة لحد الساعة الكشف عن حجم القيمة المالية التي سيتم طبعها، وقال وزير المالية، عبد الرحمان راوية، في آخر ندوة صحفيه له، إن الجهاز التنفيذي لم يضبط بعد حجم الكتلة النقدية التي سيتم طبعها من قبل البنك المركزي، مؤكدا: "أن تحديد القيمة غير ممكن حاليا لكون السنة المالية لم تنته بعد، وسيعلن عن كل الخطوات في الوقت المناسب". مشيرا إلى أن الحديث عن طبع ما قيمته 570 مليار دينار على مدار خمس سنوات، غير صحيح، موضحا أن هذا الرقم يمثل عجز الميزانية لسنة 2017. وتعهدت الحكومة بأن لجوءها إلى التمويل غير التقليدي لن يكون بغرض الاستهلاك، ولا علاقة لهذا القرار بشراء السلم الاجتماعي أو رئاسيات 2019، وإنما من أجل استحداث مصادر تمويل غير تقليدية جديدة للخزينة العمومية تُحصن الجزائر من اللجوء إلى الاستدانة الخارجية. وفي التبريرات التي ساقها الجهاز التنفيذي، لمراجعة قانون القرض والنقد، بأن كل المساهمات التي اتخذتها الجزائر لمواجهة الصدمة الخارجية الحادة الناجمة عن تراجع الأسعار في السوق العالمية للمحروقات، تَبقى الخزينة بالنسبة لسنة 2017 في حاجة إلى تمويل يفوق 500 مليار دينار. وبالرغم من اجتهادات الوزير الأول، أحمد أويحيى، في تبرير هذا المخرج والتخفيف من وطأة طبع الأوراق النقدية، لم يُحقق هذا القرار التجاوب المأمول لدى الخبراء وحتى الطبقة السياسية وعبروا عن تخوفاتهم من تداعياته على ارتفاع حجم التضخم وانهيار آخر لقيمة الدينار الذي فقد قيمته، حيث ستكون لها آثار سلبية في المستقبل حسب بعض خبراء الاقتصاد، بالنظر للوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.