تعد مدينة حاسي مسعود بولاية ورقلة، من أهم المدن الصناعية على المستوى الوطني، والتي أنشئت منذ سنوات السبعينات من القرن الماضي، ببناء سكنات جاهزة من طرف شركة سونطراك والشركات الوطنية الأخرى العاملة في المجال النفطي؛ وهذا خصيصا لعمال الشركات؛ وبالرغم من تصنيف المنطقة كمنطقة ذات أخطار كبرى؛ إلا أن المدينة سرعان ما تشعبت وإزداد العمران بها؛ لتصبح من بلدية إلى دائرة من دوائر ولاية ورقلة. تقدر الكثافة السكانية الحالية لمدينة حاسي مسعود مايفوق 90 ألف نسمة؛ ماجعل المدينة بعكس كل المدن الجزائرية، يعيش سكانها أزمة خانقة فيما يتعلق بالسكن وعدم استفادة المدينة من البرامج السكنية استثناء، وبعكس المدن الأخرى من الوطن، والتي تستفيد سنويا بمئات الحصص السكنية الموجهة لمختلف شرائح المجتمع. وهذه الظروف يعرفها العام والخاص بالمدينة، خاصة قضية التجميد التي خضعت له منذ أكثر من عشر سنوات من صدور مرسوم حكومي يجمد كافة الأنشطة فيما يخص التوسع العمراني بالمدينة، على اعتبار أن المنطقة ذات أخطار كبرى بسبب تواجد أنابيب النفط والغاز ومختلف المنشاءات النفطية بالقرب منها؛ هذا الظرف الخاص جعل السلطات العليا في البلاد تعجز عن إيجاد حل يمكن أن يخلص سكان المدينة من الأزمة السكنية، التي يعانون منها وهو إنشاء مدينة جديدة تبعد حوالي 60كلم عن المدينة القديمة. وبالفعل تم وضع دراسة من طرف مكتب دراسات أجنبية منذ أكثر من ثمان سنوات مضت؛ وتم من خلاله تشكيل أرضية لبداية الأشغال؛ التي بدأت فعليا بدخول عدة شركات وطنية للانطلاق في المشروع، وهو بناء مدينة جديدة بمواصفات عصرية، على غرار عمل شركة كوسيدار وسونطراك وشركة "ج س بي". وبرمجت بالمدينة الجديدة 60 ألف وحدة سكنية؛ وقد تم تهيئة المكان حيث تم إنشاء أبار المياه وقنوات الصرف الصحي والأماكن المخصصة لشبكات المياه ورمي النفايات، إلى غيرها من أشغال التهيئة بهذا المشروع السكني الضخم؛ إلا أن هذا المشروع بين عشية وضحاها وبشكل مفاجئ عرف تذبذبا في الأشغال ثم توقف شبه نهائي له. وقامت الشركات العاملة بهذا المشروع، منذ سنتين بتسريح المئات من العمال من هذه الورشات وإبقاء بعض العمال بالمشروع، بما يشكل الحد الأدنى من تقديم الخدمة في سير المشروع . وتزامن هذا التغير عند انخفاض أسعار النفط؛ حيث أشارت مصادر مسؤولة بهذه الشركات أن الدولة كانت عازمة على إنشاء المدينة لسكان المنطقة؛ وهذا كله أثناء البحبوحة المالية، التي كانت تشهدها الجزائر منذ أربع سنوات الماضية، إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض أسعار النفط لأدنى مستويات لها حال دون الإسراع في هذا المشروع الضخم. ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا والمشروع شبه متوقف للأسباب المذكورة آنفا؛ ماجعل مستقبل سكان المنطقة غامضا ورهينة هذا الوضع الذي تعيشه الجزائر بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي تتخبط فيها؛ وهو ما جعل العديد من العائلات تشد الرحال للاستقرار بمناطق أخرى من الوطن.