فتاوى سلفية لا تعتبر النشيد الوطني من الغناء والموسيقى ولا تحرم سماعها أخذ تخلف وقوف بعض الأئمة للنشيد الوطني بدار الإمام منعرجا لم يسبق مصادفته في مثل ذلك التصرف، حيث يمكن أن يتعرض الأئمة المعنيون إلى عقوبات الفصل أو التوقيف، خاصة وأن الفعل حصل في حضور وزير الشؤون الدينية أعلى سلطة لأئمة المساجد. ولاستطلاع ما يقوله أئمة المستقبل في الموضوع، اتجهنا لكلية العلوم الإسلامية بخروبة بالعاصمة، أين جمعنا هذه الآراء. يقول عبد الرحيم ساسي، إمام وطالب بكلية العلوم الإسلامية بالخروبة إن "الوقوف لتحية العلم الوطني أو النشيد الوطني ليس فيها من البدعة شيء ولا حرام"، بل يرى أنه "تذكير لأجيال الاستقلال بتضحيات الأجداد والمجاهدين من أجل تحرير البلاد"، مضيفا أنه طالب علم وإمام وهو كثير القراءة والمطالعة ولم "أصادف فتوى تقول بأن هذا التصرف حرام أو بدعة"! ورغم أن الفعل لا يرقى لمستوى حدث يثير كل هذه الضجة، إلا أن الطالب وصفه ب"التصرف الطائش" الذي يسيء إلى الوطن والإمامة، لأن العامة يقرأونه على أنه عدم احترام لرموز الثورة، معتبرا أن "الإمام والداعية يوازن بين المصالح والمفاسد، ويسعى لجلب المنفعة ولو كان فيها تغاض عن بعض الأمور ويترك المفسدة التي تفتح باب الفتنة". كما أكد أن هناك فتاوى مشهورة لعملاء دين معروفين أفتوا بجواز الاستماع للنشيد الوطني، ومنهم "العالم السعودي عبد الله العبيكان الذي لم يعتبر النشيد الوطني من الغناء والموسيقى التي يحرم سماعها"، وذكر الطالب أمثلة كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما تغاضى عن أمور خشية تفشي الفتنة في الأمة. أما الطالب لعداوي محمد، فاستغرب إقدام الوزير على ذم الأئمة وتعنيفهم لفظيا بحجة الدفاع عن الثورة والشهداء، وترك مسائل أولى أن تشد لها الهمم مثل قضية التنصير والنقص الفادح في الأئمة الأكفاء بمنطقة القبائل، حيث قال "هل يطالب الشهداء لو قاموا الناس بأن يقوموا لهم إجلالا؟ وهل اختصرت الثورة في مثل هذه التصرفات؟". واعتبر أن "مقابلة تصرف الأئمة ذلك بالتعنيف بدل الحوار والإقناع لا يمكن إلا أن يفتح بابا للشر والتمرد، بالنظر إلى الأفكار والخلفيات التي يحملها بعض الشباب، خاصة وأن عدم الوقوف للنشيد لا يعني إهانة الشهداء ولا الثورة، وسيفتح مسؤولون بهذا الباب أمام من يريدون الصيد في المياه العكرة بدل التجاوز مثلما يفعل إمام الأمة، الرئيس". كما أكد الطالب (م.ر) أن "الإمام من منطلق العلم الذي يحمل يعرف أن التعظيم لا يكون إلا لله وحده، والإنسان المؤمن لا يقوم إلا لله عز وجل"، موضحا أن "هناك حدودا شرعية لا يجب تجاوزها ولا ينبغي لأحد أن يضيق على مسلم فيها وبخاصة الإمام الذي يؤم الناس ويقم القدوة"، حيث يرى بأن معاملة الأئمة بطريقة التجريح والتعنيف اللفظي أو المعنوي "هي إهانة للإمام وإنقاص من قيمته بين الناس" وهو من كان في وقت "شيخ القبيلة وقائدها المعنوي الذي يدعو لكل خير ويقف ضد كل شر". ويرى الطالب "س.ك" الذي يتخرج مع نهاية السنة الحالية ويطمح لاعتلاء المنبر أنه "من غير العدل أن ينظر لمن تخلف عن الوقوف لعزف النشيد الوطني نظرة الخيانة أو الاستهزاء بالشهداء، لأنني لا أتخيل أن هناك جزائريا تسول له نفسه نكران فضل الشهداء"، مؤكدا بالمقابل "نحن أمة لا إله إلا الله، والأولى فينا أن نقوم لله قانتين و لاينبغي أن نربط أنفسنا بمثل هذه التصرفات مثل القيام للنشيد لهذه الدرجة، لأننا لا نعرف حتى ما هو أصل هذا الفعل". وذهب الطالب (عبد الله. ن) إلى التأكيد على أن "القيام لا يكون إلا لله، بل حتى القيام من أجل السلام غير مطلوب منا شرعا وحب الوطن من الإيمان أيضا، لذلك أرى أنه درءا للمفاسد اعتبر القيام للعلم تحية فقط لا حرج فيها ولا ترقى لمستوى الشرك". ومع أن القضية لا تعني الفتيات وحصلت مع الأئمة، إلا أننا استغلينا وجود الطالبات "السلفيات" المتجلببات بكلية العلوم الإسلامية لنستفسر عن موقفهن، في حال ما أصبحن مرشدات في المستقبل، فأجابت إحداهن بأنها "معلمة ويحدث مرارا أن تقف لتحية العلم والنشيد الوطني ولا أتحرج من ذلك"، مفسرة الفعل بالعادة وليس المعتقد أو التقديس. أما الأخرى فكانت شديدة التمسك بموقفها معتبرة أن "القيام للنشيد الوطني لا أساس شرعي له وأنا لن أقوم ولو حصل ما حصل".