اختصرت الندوة الختامية لأئمة الجزائر العاصمة أمس في وابل من الذم والقدح والتعنيف والوعيد ساقه مدير الشؤون الدينية والأوقاف للأئمة العاملين تحت نفوذه الإقليمي، بسبب تخلف بعضهم عن الوقوف لتحية النشيد الوطني، معتبرا أن "التاريخ سيكتب هذه الخطوات التي لا تشرف تاريخ الجزائر". وكانت كلمات مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر لزهاري مساعدي، عند افتتاح الندوة الختامية لأئمة الجزائر أمس بدار الإمام بمثابة "باب جهنم" الذي فتح على الأئمة، حيث اجتهد كل من لزهاري مساعدي وعمار طالبي رئيس المجلس العلمي لولاية الجزائر ووزير الشؤون الدينية بوعبد الله غلام الله عند الختام في تلقين الأئمة درسا في الوطنية والمرجعية الدينية الجزائرية، حيث لم ينقص هؤلاء إلا وصف الأئمة بالخيانة العظمى للثورة. وكانت جميع "القذائف" التي وجهها المسؤولون عن القطاع للأئمة تصب كلها في اتجاه الهجوم على الأئمة السلفيين الذين لازالوا يتميزون بالخروج عن الخط العام الذي رسمته الوزارة ضمن مرجعية واحدة محددة في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، وغيرها مرفوض، لأن إمام الأمة "هو الرئيس بوتفليقة الذي اختاره الشعب، وقد انتدب الأئمة ليقوموا محله وسط المصلين" على حد قول الوزير غلام الله. وذهب الوزير بعيدا في تعنيف المتخلفين عن الوقوف للنشيد الوطني، حيث اعتقد أن السبب هو اعتبار ذلك الفعل بدعة لا يجوز إتباعها "لا نقوم للنشيد بمعنى التقديس الروحي، إنما احتراما للشهيد"، مشككا في انتماء هؤلاء الأئمة وواصفا إياهم بالغش "لا أشك في صحة العقل الجزائري إنما من أين انحدر هذا العقل الذي يميل إلى الانشقاق؟"، ليطلب منهم بعدها التخلي عن مناصبهم ومنابرهم إذا كانوا يخالفون عقيدة الجزائريين وأفكارهم "من قال إنه منا وهو يحمل أفكارا وعقيدة تختلف عنا فذلك غش، ومن يحدث الفرقة بين المسلمين لا يستحق إمامتهم". ومن حيث انتهى الوزير عندما قال "المساجد لم تطهر بعد من دماء المعتدى عليهم في المساجد" في إشارة إلى سنوات الإرهاب حين اعتنق الدعاة والأئمة أفكارا سلفية "تكفيرية" كان رئيس المجلس العلمي لولاية الجزائر الدكتور عمار طالبي قد أسهب في وصف المتخلفين عن الوقوف للنشيد الوطني ب"الغباء الذي لا فهم فيه ولا فقه"، مشيرا إلى أنه لا يوجد سند شرعي لتحريم ذلك أو اعتباره بدعة "يأتي اليوم من لا فهم لهم، عقول بدعية شاذة تتنكر للجهاد ورموزه الوطنية". وطلب بالمقابل أن يجتهد الإمام في التبليغ وتجديد معارفه وتكوين نفسه ليقوم بمهمة الوعظ والإرشاد بأسلوب متغير متجدد في كل مرة لاستقطاب الشباب دون تنفيره من المساجد. وكان ختامها مسك على أئمة العاصمة، بالضربة الاستباقية التي وجهها الوزير أمس للسلفيين منهم ليكونوا عبرة لغيرهم، بعد سابقة إهمال عيد الثورة والاستقلال في خطبة الجمعة السنة الماضية.