"لا شيء يوحي لك وأنت تدخل حي الكاريار ببلوزداد بأنك وسط العاصمة"، لا غاز ولا قنوات صرف صحي، بيوت قصديرية وسكنات هشة تسقط على قاطنيها بين الفينة والأخرى، هنا تعيش حوالي 200 عائلة تذوق مرارة الصيف والشتاء في سكنات مصنفة من قبل مصالح المراقبة التقنية للبنايات في الخانة الحمراء. "الشروق" تنقلت لحي "كاريار" ببلوزداد بأعالي العاصمة لنقل صرخة عشرات العائلات تعاني في صمت منذ أزيد من 18 سنة، وأول ما لفت انتباهنا بمدخل الحي رايات عملاقة نصبت على بعض البنايات الهشة والمهددة بالسقوط في أي لحظة على قاطنيها، كتبت عليها عبارات "SOS" أي أغيثونا، وكم كان المشهد مروعا من داخلها، ورغم ذلك تقطن بها عديد العائلات التي لم تجد ملجأ تأّوي إليه. يقول ممثلون عن قاطني الحي إنهم ينتظرون تحرك السلطات المحلية لبلدية بلوزداد منذ سنة 2003، بعد الزلزال الذي ضرب ولاية بومرداس وتسبب في تدهور حالة عدة بنايات صنفتها آنذاك مصالح المراقبة التقنية للبنايات على أنها جد خطيرة ويجب إخلاءها، غير أنه ومنذ ذلك الوقت توالت عمليات الإحصاء وتوالت معها إطلاق الوعود من قبل المسؤولين المتعاقبين على بلدية بلوزداد والتي لم تجد طريقها إلى التجسيد.
"بركات" من الوعود وعاصمة بدون قصدير! عند حديثنا مع مواطني حي "الكاريار" ببلوزداد، الذين ناشدوا والي العاصمة عبد القادر زوخ لدراسة ملف وضعيتهم وإيفاد لجان تحقيق للحي للتأكد من صحة معاناة حوالي 200 عائلة، استغربوا تغني المسؤولين بمقولة "عاصمة بدون قصدير"، في ظل وجود سكنات قصديرية وبنايات هشة آيلة للسقوط في قلب العاصمة، وأوضحوا أن المعاناة الحقيقية تتلخص في الملفات الطبية لعشرات الأطفال الذين يعانون من أمراض صدرية والتهابات جراء الحياة المزرية التي تكابدها عائلاتهم منذ نحو عشرين سنة.
مواطنون يستعملون قارورات الغاز وسط العاصمة ولعل أبرز مثال على "الحقرة" و"التهميش" الذي طال الحي على حد وصف المواطنين، غياب قنوات غاز المدينة، إذ يلجأ قاطنو "الكاريار" لاقتناء قارورة غاز "البوتان"، الأمر الذي يطرح عديد التساؤلات، لأننا نتحدث عن حي يقع وسط عاصمة البلاد وليس بمنطقة نائية من الجزائر العاصمة، ومشهد صورة الحي أبلغ من أي تعبير. "أغيثونا..." هي عبارات كتبت على لافتات عملاقة ونصبت بعدة مباني، أراد من خلالها قاطنو حي "الكاريار" بعث رسائل واضحة لمناشدة المسؤولين على عملية إعادة إسكان العائلات بالبنايات الهشة والبيوت القصديرية.