"انبعاث للروائح الكريهة''، شقق زينت جدرانها بجبس منتهي الصلاحية، رطوبة عالية داخل السكنات والسلالم، تشققات في الأسقف والجدران، عمليات غير مدروسة لشبكتي الكهرباء والغاز داخل الشقق، نحن هنا ليس في ورشة سكنية قديمة، أو إحدى العمارات المشيدة منذ العهد الاستعماري، وإنما الأمر تعلق بمشروع انجاز 600 مسكن ترقوي عمومي ببلدية الرويبة بالعاصمة والذي لم يتم تسليمه إلى حدا الآن، حيث كان من المفروض أن يوزع على المستفيدين في أفريل 2017، ولكن تقاعس المقاولة و''البريكولاج'' أجل فرحة الحصول على "السكن الحلم''. ''الشروق'' وقفت على حجم الإهمال وغياب المراقبة في ورشات هذا المشروع، فضلا عن أشغال البريكولاج للشركة المكلفة بإنجاز 2280 مسكن بذات الصيغة. الدخول إلى الحي لم يكن سهلا خصوصا وأن جزءا منه لا يزال ورشة مفتوحة وحتى المشروع المراد الدخول إليه لم تستكمل بعد تهيئته الخارجية، حيث تحججنا بأننا مكتب دراسات قدم لمعاينة الجزء الذي تم الانتهاء من أشغال عماراته، وهو مشروع 600 مسكن وبعد ورود معلومات ل'' الشروق'' من قبل بعض المستفيدين على أن السكنات تتواجد في وضعية مزرية، ومقارنة بما نشرته وزارة السكن ضمن القرار المحدد للخصوصيات التقنية الخاصة بالسكن الترقوي العمومي في العدد 61 من الجريدة الرسمية الصادر في 13 ديسمبر 2015 والذي ينص على ضمان درجة عالية من الجمال والرفاهية وكذا استعمال أجود مواد البناء مع توفير مواقف للسيارات في الطوابق الأرضية وتوفير المحلات التجارية وقاعات للرياضة في الطوابق تحت أرضية، بالإضافة إلى التزام كل عمارة ب 4 طوابق فقط، غير أنه في الواقع وجدنا عكس ذلك تماما.
مخاطر الوادي الملوث تهدد صحة السكان على بعد 4 أمتار، تستقبلك الروائح الكريهة المنبعثة من وادي ''بورياج '' الذي يتوسط هذا المشروع، وحسب المستفيدين فإنهم رفعوا العديد من الشكاوى لدى مصالح البلدية والدائرة ولكن لم يجدوا ردا إيجابيا، ومازا الوضع سوء هو الانتشار الرهيب للحشرات والجرذان والبعوض بشكل رهيب، ما يؤدي لا محالة إلى انتشار الأمراض، حيث أصيب أحد العمال الصينيين بداء السل ''تيباركيلوز''، الأمر الذي أدخله المستشفى لمدة 6 أشهر. وعبر المستفيدون الذين رافقونا إلى المشروع عن استيائهم الشديد جراء الوضعية الكارثية لسكناتهم التي لم يستلموها بعد، ومازاد من مخاوفهم هو مشكل ارتفاع منسوب مياه الوادي عند هطول الأمطار، والتي قد تتسرب إلى العمارات، ويكون اكبر المتضررين هم قاطنو الطوابق الأرضية، وقال أحد المستفيدين "توجهنا إلى بلدية الرويبة والى مسؤولي الشركة الوطنية للترقية العقارية، حيث أكد لنا أحد المسؤولين أن تهيئة الوادي تقع على عاتق مصالح ولاية الجزائر".
"بريكولاج" في الأشغال وإخلال لدفتر الشروط كانت وجهتنا الأولى العمارة رقم 5، حيث صدمنا لحالة السلالم التي أنجزت بطريقة عشوائية، ستشكل خطرا على قاطنيها خلال استلامهم لسكناتهم، حيث أنها تعاني من الاهتراء، كما أن الجدران والأسقف متشققة ومتصدعة بفعل الرطوبة العالية، حيث يمكن للمرء أن يلاحظ بأن السلالم لا تصلح للاستعمال كون الجزء المخصص للأمان أو للإسناد مكسر، يتحرك بمجرد الاتكاء عليه وهذا منافي لدفتر الشروط. وما زاد الطين بلة هي الفراغات المتواجدة بين السلالم والجدران، الأمر الذي لم يفهمه السكان، ناهيك عن بعض الثقوب، كما أن النوافذ كبيرة ما قد يؤدي إلى سقوط الأطفال، يضاف إلى ذلك النوعية السيئة للإسمنت الذي يتفتت بمجرد وضع يدك عليه. أما وضعية الشقق فحدث ولا حرج، حيث أن أشغال ''البريكولاج'' واضحة للعيان، وفي هذا الإطار تساءل مرافقنا ''أين هي الجودة التي وعدنا بها المسؤولون.. هذه خردة"، فالمرحاض ضيق جدا، حيث تبلغ مساحته 1 متر مربع، بالإضافة إلى استعمال بلاط من نوعية عادية، أما المطبخ فلم تستعمل الشركة المكلفة بالانجاز الخشب ذا النوعية الجيدة، واستعملت آخر أقل جودة. وبخصوص المكبس الكهربائي فقد وضع بطريقة عشوائية، وفي مكان غير مناسب، بالإضافة إلى وضع المكابس الكهربائية بجانب أنابيب الغاز، وهو ما يشكل خطرا على السكان، ناهيك عن استعمال جبس منتهي الصلاحية يتفتت بمجرد وضع أصبعك عليه. نفس الحالة المزرية تعرفها العمارة رقم 6 التي تضررت مراحيضها وبلاطها وكذا الجبس الذي تطاير من الجدران والأسقف. وأمام هذه الفضيحة، طالب المستفيدون بتدخل وزير السكن والعمران والمدينة عبد الوحيد طمار من أجل إيجاد حلول سريعة وتدارك الوضع قبل فوات الأوان وانفجار الوضع.
زوخ ل'' الشروق": سننجز دراسة لتهيئة الوادي وعد والي العاصمة عبد القادر زوخ في تصريح ل''الشروق'' بتهيئة وادي الرويبة الذي يتوسط مشروع 600 سكن ترقوي عمومي، وقال على هامش الزيارة التفقدية التي قادته إلى العاصمة رفقة وزير التكوين والتعليم المهنيين محمد مباركي، الخميس الماضي، "سأطلب تقريرا مفصلا حول هذه القضية، وسندرس الأمر رفقة الجهات المعنية من أجل تهيئة الوادي، وتجنيب السكان المشاكل الصحية وكل مخاطر الوادي"، وبخصوص تصريحات بعض المسؤولين المحليين بأن انعدام السيولة هو سبب انعدام التهيئة، قال الوالي ''سأدرس الوضعية وفق السيولة المالية".