جان غناي هدفي تغيير قناعات الناس مع المرض.. وسأمنح لأطفال المستشفيات ملابسا جديدة زارت جان غناي "الشروق" لإيصال صوت العمل الخيري إلى الملايين، مطالبة بالمزيد من التبرعات لتكمل بها مشوار العناية بالأطفال المرضى في مختلف المستشفيات، بعد أن حزّ في نفسها رؤيتهم يعانون، وقطعت على نفسها عهدا أن تقدم الرعاية اللازمة للأطفال، وانتقدت التصرفات اللانسانية التي تخيم على جل مستشفياتنا، متمنية أن تكون هناك لجان مراقبة تحد منها وتفرض النظام بالهياكل الطبية، وروت المزيد في هذا الحوار. = كيف بدأت قصتك مع العمل الخيري، ولم شريحة الأطفال بالذات؟ == منذ خمس عشرة سنة، لمّا دخلت مستشفى بئر طرارية، وجدت قاعة الانتظار مليئة عن آخرها بالمرضى، والكل ينتظر دوره للعلاج، وتفاجأت بقسم مرضى السرطان لا يوجد فيه أحد، ولما سألت فقيل لي إن الجميع يخشى هذا المرض، تأسفت للوضع، وقرّرت تغيير قناعات الناس وانه عليهم قصد العيادات والمحاربة من أجل الشفاء. = ما هي الطريقة التي ركزت عليها في تغيير قناعات الناس، ومن أين كانت الانطلاقة؟ == بيجب أولا توفير الراحة لمرافقي المرضى، فإن كانوا في أحسن حال يستطيعون تقديم السند المادي والمعنوي للمريض، فانطلقت من مستشفى مصطفى باشا، وكنت آخذ معي الإعانات المادية لقسم طب الأطفال، وأفرح كثيرا برسم الابتسامة على وجوههم، وكنت أحرص على أن تكون الأمهات في أحسن حال، إلى درجة أنني كنت أرتب لهن مواعيد في مرشات خاصة ليأخذن نصيبهن من النظافة التي اعتدن عليها في المنازل، واشترين لهن غسالة لتسهل لهن العناية بأبنائهن، إلا أنها سرقت أياما بعد اقتنائها. = ألم تصادفك مشاكل أمام هذه المهمة الإنسانية؟ == بلا، تعرضت حتى للطرد والدفع خارجا في مستشفيات لا أريد ذكرها، وكم حاولت مع الممرضين أن يكونوا إنسانيين في التعامل مع المرضى، إلا أنهم لا يعاملونهم كبشر، ولما كنت أدخل محمّلة بالهدايا، يلاقونني بالتكشيرة بدل الابتسامة، الا أن ذلك لن يثنيني ذلك عن آداء مهمتي، فأنا أعتبر نفسي صاحبة مهمة يجب أن أنهيها مادمت حيّة. = هل تلقيت مساعدات من السلطات في الجزائر لتسهيل مهمتك؟ == لقد وقفت طويلا على باب وزارة التضامن ثلاث مرات، طلبت فقط أن أرى الوزير ولد عباس، إلا أنه لم يسمح لي بذلك، في حين استقبلت من طرف مدير فرعي في وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، وتعهّد لي بتقيدم يد العون، كما وعدني المدير الحالي لمستشفى مصطفى باشا بأن يكون المستشفى مفتوحا أمامي للاهتمام بالمرضى على طريقتي. = ما هي مصادر تمويلك لإنعاش هذا العمل الإنساني؟ == أعتمد على معاشي، وبيع بعض الدمى التي أصنعها في الأعياد وأبيعها بفرنسا، فضلا عن مساعدة ابنتيّ من بلجيكا، وفي الفترة الأخيرة صرت أبعث بنداءات عبر وسائل الإعلام لتوفير المال كافي، وقد ساعدني زوجي مؤخرا بوهبي سيارته الصغيرة، قائلا لي إنها زكاته يتصدّق بها على المرضى. = بعد النداءات التي توجهت بها عبر القناة الإذاعية الثانية، كيف كانت ردود أفعال الجزائريين؟ == لقد تلقيت مساعدات كبيرة جدا، وكان أكثرها من منطقة القبائل. = من خلال تجربتك واحتكاكك بالمرضى في مختلف الهياكل الطبية بالعاصمة، ما الذي يحتاج إليه المرضى بالضبط؟ == أهم شيء يحتاج إليه المرضى، هي المعاملة الحسنة، فالممرضات يبدين مخيفات، ومنهن من ينتقمن من الأمهات بسوء المعاملة، ثم إن أدوية ضرورية جدا غير متوفرة، والهياكل تعاني من قلة النظافة التي تنعكس سلبا على صحة الأطفال. = لقد ترسّخت قناعة أن الغرب أكثر إنسانية من العرب، على الرغم من أن أكثرهم يدين بالإسلام؟ == أبدا ليس كذلك، ففي الغرب لو وقعت على الأرض تنهض وحدك، ولا أحد يهتم بك، على العكس في البلدان العربية فإن الجميع يساعدك على النهوض، فالشعوب العربية إنسانية وأستشعر دفء المشاعر لدى الجزائريين، إلا أن ذلك يغيب في المستشفيات، لأن التسيير ليس على مايرام، ولا علاقة لذلك بالدين الإسلامي، فهو أجمل ديانة على وجه الأرض وتستحق أن تتبع، فهي تدعو للتضامن وحب الخير للآخرين، إلا انه يساء تطبيقها لدى المسلمين. = ما هو برنامجك المسطر للأيام القادمة؟ == أصبو إلى ضمان وجبات كاملة لمرافقة المرضى في شهر رمضان، وتحديدا بمستشفى بني مسوس الذي أختص بالعمل الخيري فيه حاليا، ولو تبرع كل عاصمي بقطعتين من "البوراك" وطبق إضافي من فطوره فسننجح في هذا المسعى. وقد أقسمت على نفسي أن يرتدي كل الأطفال بالمستشفى ألبسة جديدة، مثلما فعلت ذلك مع أطفال مصطفى باشا السنة الفارطة، وسأقوم بذلك خارج العاصمة لاحقا.