كشفت مصادر مطلعة ل"الشروق" أن حيلة التقادم سمحت لأكثر من 3000 جريمة اقتصادية بالهروب من سيف العدالة،91 بالمائة من مجموع القضايا التي كانت الجزائر مسرحا لها على مدار 15 سنة تخص الملفات الجمركية الثقيلة. يحدث هذا بالرغم من أن الخروقات إياها مصنفة في خانة الجنح التي حددت بمدة ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ ارتكابها أي بمجرد تسجيل التصريح الجمركي المفصل لدى الجمارك، كما هو مستقر عليه قانونا وقضاء ابتداء من تاريخ اكتشاف تيارالغش طبقا لأحكام المادة 266 من قانون الجمارك، ونفس الشيء بالنسبة للتقادم المنصوص عليه في الجرائم العامة أي جنح القانون العام طبقا لأحكام المادة 8 من قانون الإجراءات الجزائية وأقرها الإجتهاد القضائي الصادر من المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 6 أكتوبر 2003 الحامل للرقم 272011 الذي فسر تفسيرا دقيقا بأن الجنح الجمركية تتقادم بمرور ثلاث سنوات طبقا للمادة 266 من قانون الجمارك، وكذلك نفس الشأن بالنسبة لتقادم الدعوى العمومية وفقا لنص المادة 8 من قانون الإجراءات الجزائية. وتضيف ذات المصادر أن الفترة الممتدة مابين 1994 و2001 حطمت الرقم القياسي حسب تقرير أعده المفتش العام للمالية سنة 2001 ورفعه إلى كل من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الحكومة آنذاك، حيث شهدت هذه الفترة ما يربو عن 3042 جريمة اقتصادية جرى متابعة 274 جريمة منها فقط بينما جرى إحالة 2768 أخرى تحت مظلة التقادم، فيما سجلت الفترة مابين 2004 و2009 انخفاضا محسوسا بعد أن وعد رئيس الجمهورية بإنزال سيف الحجاج على كل المفسدين والمتلاعبين بأملاك الدولة، حيث تم إحصاء 3000 جريمة اقتصادية خلال 15 سنة . وتمس ظاهرة التقادم حسب مصادرنا 7 قطاعات إستراتيجية تتمثل في التصدير والإستيراد، قطاع الزراعة والتجارة الخارجية والصناعات الإلكترونية بالإضافة إلى السيارات والنسيج والجلود والتمور أيضا على غرار الفضيحة المعروفة بمسمى ملف "فتزازة" والتي سببت خسارة تفوق عارضة 33 مليار عدا ونقدا، وقضية سيارات "الزاد أش" إلى جانب الملفات الثقيلة المعروفة على مستوى الجمارك مثل ملف النفايات الحديدية وغير الحديدية والذي سبب خسائر تفوق 3 آلاف مليار سنتيم للخزينة العمومية إلى جانب ضياع 19 محضر معاينة متعلق بملفات نزاعية خاصة بتصدير هذه النفايات، حيث تم تسجيل تاريخ المعاينة في 20 جانفي2001 وتم إيداع الشكوى لدى وكيل الجمهورية في 2 أوت 2004 أي بعد ثلاث سنوات و7 أشهر وهو الشيء الذي جعلها تتقادم بقوة القانون، حيث سببت خسائر فادحة تفوق 33 مليار سنتيم ونفس الشيء بالنسبة ل 19 ملفا ضاعت في ميناء وهران والمقدرة بعشرات الملايير حسب الوثيقة التي تحوز الشروق على نسخة منها. إلى جانب هذا الملف الذي أصابه التقادم حسب مصادرنا بنسبة 60 بالمائة، هناك ملفات أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها مثل ملف استيراد الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية عن طريق نظام "سي كادي أس كادي" والذي قدرت فيها أضرار الخزينة العمومية بحوالي 10 آلاف مليار سنتيم، حيث فاقت نسبة التقادم فيه 70 بالمائة، وكذا استيراد مادة القهوة من ساحل العاج والتي تم تقدير أضرار الخزينة العمومية فيه أكثر من 20 مليار سنتيم تخص الحقوق والرسوم الجمركية والضرائب الأخرى، حيث تقادم هذا الملف بنسبة 100 بالمائة إلى جانب ضياع ملفات أخرى في ميناء الجزائر وتكيف هذه القضية حسب مصادر قضائية مختصة بأنها "منح إعفاءات" ضريبية بدون ترخيص من القانون حسب أحكام المادة 31 من قانون رقم 06 / 01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتضمن "الوقاية من الفساد ومكافحته" وتكييف الجرائم المرتكبة في الملفات السالفة الذكر بأنها جرائم اقتصادية تنطبق عليها أحكام المادة 29 من القانون 06/01 المذكور أعلاه.