وصف معظم أئمة الجزائر ما نشرته الشروق اليومي في عدد أمس عن عزم وزارة الشؤون الدينية بمعاقبة الأئمة الذين يطيلون في صلاة التراويح بالأمر العادي والمرغوب فيه، وقال جميعهم إن الأصل في العبادة هو الترغيب وليس الترهيب، رغم أن معاقبة إمام اجتهد لأجل جمع المصلين لمدة هي بالتأكيد لن تزيد عن الساعتين في "أسوإ" الأحوال هو ترهيب في حد ذاته * وقد يتساءل مواطن بسيط لا يقرأ ما بين السطور وربما لا يحسن القراءة أصلا كيف لوزارة الأوقاف أن تعاقب إماما ذنبه الوحيد أنه قرأ مزيدا من آيات القرآن الكريم، ومعلوم أن المأموم في صلاة التراويح أو غيرها بإمكانه أن يؤدي صلاته جالسا بل وبإمكانه في صلاة السنة مثل التراويح أن يكتفي بركعتين ولن يرتكب كبيرة، ولا إثما لو قاطع هذه الصلاة أصلا ولن يسأله أيا كان لو غادر الصلاة إذا شعر بالتعب أو الملل. * مشكلة مختلف الوزارات والمديريات عندنا أنها ترهّب عمالها وزبائنها ولا ترغّبهم إطلاقا، فكل القرارات عندنا عبارة عن أوامر وتحذيرات وإشعار بعقوبات، وما زالت مختلف المديريات والوزارات ترسل لموظفيها وللمتعاملين معها الاستدعاءات، وليس الدعوات، ومجرد القول إن عقوبات صارمة ضد الأئمة الذين يطيلون في صلاة التراويح سيجعلنا نتساءل أيضا عن الذي يقصّرها ويبترها، ويقرأ القرآن بسرعة برقية تنسف التدبّر والخشوع وتحرّف القرآن عن معانيه السامية في أفضل شهور العام والعمر كله. * نشعر أحيانا أن بعض الأئمة صاروا يحفظون آيات وأحاديث التيسير فقط، وهم يذكروها بطريقة جعلتها عسيرة، وغالبا في غير محلها، فصلاة التراويح التي تجمع الملايين من الجزائريين ومن الجنسين ومن كل الأعمار هي للأسف الشعيرة التي نافست تجمعات لعبة الكرة، ومكنت في زمن الإرهاب الأسود من فك سواد الليل وتحدي القتلة الذين حاولوا استعمار النهار فقهرهم أبطال التراويح ليلا.. والوزارة مدعوة في تراويح هذا العام الذي سنشهد فيه شهر الصيام في أسخن فصول العام لأجل توفير المكيفات وراحة المصلين والتغطية الصحية، قبل إشهار سيف الحجاج في وجه أئمة جمعوا الناس ومنهم من حقق بترتيله الجميل ما لم تحققه الأحزاب والوزارات ومنها وزارة الشؤون الدينية في جمع الآلاف من كل الطبقات في صف واحد، تماما كما كانت التراويح في العهد الباديسي جامعة لرعيل الثورة دون أن يشهر بن باديس أو الإبراهيمي سيف الحجاج في وجه حافظي كتاب الله.