هبوط خيالي للأسعار وبرامج خاصة لرمضان على بعد أيام قليلة فقط من رمضان، ما تزال حركة عبور السياح نحو الجارة تونس تسجل من يوم إلى آخر تصاعدا تدريجيا، حيث فاق معدل العبور باليوم الواحد ما يفوق 6000 شخص بمركز العبور بأم الطبول لوحده. ويبدو أن السلطات التونسية مصممة هذه السنة على تحطيم كل الأرقام القياسية التي سجلها السائح الجزائري طيلة السنوات الماضية، وذلك من خلال وضعها لخطة محكمة لجلب أعداد كبيرة من العائلات الجزائرية، حيث شهدت الأسعار في الأيام الماضية هبوطا خياليا مس على الخصوص المواد الإستهلاكية الواسعة بالإضافة إلى التذكارات والهدايا التقليدية التي لجأ التجار إلى وضع أسعار تفضيلية لها خاصة بالسائح الجزائري، * كما أكد ت العشرات من العائلات الجزائرية التي إلتقتها الشروق بمدينة سوسة أنها لاقت تسهيلات كبيرة في الحصول على إقامات منذ اللحظات الأولى التي حلت بها بتونس خصوصا بمنطقة الحمامات التي تعد الأكثر استقطابا للعائلات الجزائرية، وما أثار استغراب العائلات هي تلك الأسعار التي لم يعهدوها من قبل، حيث بلغ سعر الليلة الواحدة في شقة بالحمامات إلى حدود 15 دينارا وهو سعر لم يسبق لهؤلاء أن حظيوا به طيلة السنوات الماضية، حيث لم يكن بالإمكان الحصول على غرفة بأقل من35 دينارا لليلة الواحدة. كما برمجت السلطات التونسية برنامجا خاصا لرمضان لضمان تواصل توافد السياح الجزائريين، حيث ينتظر حسب مصادر تونسية أن تخصص المطاعم التونسية وجبات رمضانية جزائرية خالصة بالإضافة إلى برامج ترفيهية موجهة في معظمها للجزائريين. * * الوسط في المقدمة والشرق ثانيا * تشير الإحصاءات المتوفرة بمركزي العبور بأم الطبول والعيون بالطارف إلى توافد أكثر من 8000 شخص يوميا على الدخول إلى تونس ويتشكل هؤلاء من غالبية عظمى من عائلات مقيمة بالوسط حيث حلت ولايات الجزائر، البليدة، تيبازة والمدية في مقدمة الولايات التي توجهت عائلاتها لقضاء العطلة بتونس فيما حل سكان الشرق ثانيا في الترتيب من خلال ولايات قسنطينة، سطيف وبرج بوعريريج وڤالمة. وأشارت مصادر أمنية من مركز أم الطبول إلى تفضيل أكثر من 90 % من العائلات المتوجهة إلى تونس مدينة الحمامات السياحية وبدرجة أقل العاصمة تونس فيما تتراوح مدة الإقامة ما بين أسبوع على أقل تقدير و15 يوما. وعلى غير العادة عرف مركز العبور بأم الطبول هذه السنة حركة غير عادية في الدخول حيث يعرف المركز عبور نحو 3000 شخص يوميا باتجاه الجزائر، ويتشكل 80 % منهم حسب مصادر من المركز من العائلات الجزائرية المقيمة بالمهجر والتي فضلت هذه السنة الدخول إلى الجزائر برا عن طريق تونس لما يترتب عن ذلك من أرباح مالية تفوق 1200 أورو مقارنة بالبحر والجو وتفاديا للتعطلات والتأخرات المألوفة عبر هاتين الوسيلتين إنطلاقا من فرنسا. * * الأول وطنيا في أبشع صورة * يتجه مركز أم الطبول الحدودي لإحتلال ريادة ترتيب مراكز العبور بالجزائر للمرة الثانية على التوالي بعد سنة 2009 التي عرف خلالها عبور ما يفوق 912 ألف مسافر من بين 2 مليون مسافر بمركز الوطن المفتوحة، يحدث ذلك بالرغم من أن المركز لا يتوفر على أدنى المرافق الضرورية والشروط اللازمة لراحة المسافرين، حيث يفتقر لمحلات تجارية ودورات للمياه وحتى مركز للتأمين وهو ما يجعل إقامة العائلات والمسافرين به والتي قد تدوم لأكثر من 5 ساعات في أوقات الذروة شبيهة إلى حد بعيد بالجحيم. وما يزيد الوضع تعقيدا أن كل المكيفات الهوائية التي يتوفر عليها المركز بقاعة الانتظار لا تعمل فضلا عن تحول ساحته إلى ديكور بشع من القاذورات وحفاظات الأطفال التي لم تسعها السلات الصغيرة الموضوعة في بعض الأرجاء لجمع النفايات بسبب الإعداد الهائلة للمتوافدين على المركز. * * مجازر سياحية بالطارف * وبالنظر إلى ما يحدث بولايتي الطارف وعنابة من مجازر سياحية يكون من الطبيعي أن تتوجه آلاف العائلات نحو تونس، فبالطارف التي إفتتح بها هذا العام13 شاطئا من أجمل ما يمكن، لم تقم السلطات المحلية بأدنى مجهود لتنظيفها أو تجهيزها بأبسط الإمكانات، حيث وجدت عشرات العائلات القادمة من قالمة وسوق أهراس صعوبات كبيرة في الإقامة بمدينة القالة، بسبب نقص هياكل الإستقبال وغلاء أسعار المتوفرة في وقت تضطر فيه إلى حمل عتادها وزادها كاملا للتوجه إلى أي شاطئ بالمنطقة لعدم توفر كل الشواطئ على محلات تجارية أو مراحيض ومرشات. أما مدينة القالة فقد استقبلت زوارها هذه السنة في أبشع صورها من حيث النظافة والإستقبال والنقل، وحتى النشاطات الترفيهية بقيت مجرد حديث شوارع لا غير، اللهم ما تجود به مديرية الثقافة بالطارف من سهرات فنية في إطار الأسابيع الثقافية لبعض الولايات التي تنظم بالطارف وهو ما جعل المدينة تتحول إلى مركز عبور حيث تفضل معظم العائلات المتوجهة إلى تونس قضاء ليلتها بالقالة للتخلص من تعب الطريق واستعدادا لرحلة العذاب بمركز أم الطبول واكمال الطريق نحو إحدى المدن التونسية. وما يقال على القالة ينطبق إلى حد بعيد على الجارة عنابة التي تكون هي الأخرى قد أعطت صورة مماثلة عن السياحة بالمفهوم الجزائري والذي خلاصته تصب في تونس.