ما تناقلته وسائل الإعلام بشأن تصريحات مقتضبة يكون نور الدين زرهوني قد أدلى بها على هامش إفتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، مفادها أنه طلب "توضيحات" بشأن تنحيته من منصب وزير الداخلية وتعيينه نائبا للوزير الأول، ترسم حسب أوساط مراقبة سلسلة من علامات الإستفهام والتعجب، عن أسباب وخلفيات مثل هذا التصريح المباغت الذي جاء كأول "ردّ فعل" من "سي يزيد" بعد آخر تعديل حكومي. في حال صدقت أنباء مطالبة زرهوني ب "توضيحات" بشأن تغيير منصبه، يكون وزير الداخلية السابق، صنع سابقة في تاريخ التعديلات والتغييرات الحكومية، حيث لم "يتجرّأ" أيّ وزير، سواء ممّن تمتّ تنحيتهم نهائيا أو تمّ تغيير حقائبهم، على إيداع "إستفسارات" لفهم الأسباب، إنطلاقا من مسلّمة سياسية تدرج هذه العمليات في إطار صلاحيات رئيس الجمهورية. لماذا طلب يا ترى يزيد زرهوني، "توضيحات"، وممّن طلبها؟، وهل زرهوني "غاضب" من تغيير حقيبته؟، وهل هو غير راض بمنصب نائب الوزير الأول؟، أم أن غياب صلاحيات واضحة ومحدّدة حسب مضمون الدستور، بالنسبة لنائب الوزير الأول، المنصب الجديد الذي إستحدث بموجب التعديل الدستوري الذي عدّل المادة المتعلقة بعهدة رئيس الجمهورية؟. وجاءت التصريحات المنسوبة لزرهوني عبر وسائل الإعلام، بعد ما كان مراقبون قد تساءلوا حول ما إذا كان تعيين الرجل نائبا لأحمد أويحيى، ترقية أم "دحرجة" وإبعادا و"تهميشا" عن الأدوار المهمة، كرجل فاعل ومؤثر ونافذ؟، ولم تتضح منذ التعديل الوزاري الأخير، مؤشرات الإجابة عن مثل هذه التساؤلات التي تبعتها بعض الإجراءات التي "مسحت" قرارات زرهوني على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بينها ما تعلق بالخمار في الوثائق البيومترية وكذا قائمة الوثائق التي تمّ تقليصها وتخفيفها. "التوضيحات" التي يكون زرهوني قد طلبها، في حال تأكدها، تكشف برأي متابعين للشأن السياسي، أن الرجل كان يشعر بالراحة أكثر وهو وزيرا للداخلية والجماعات المحلية، حيث كانت صلاحياته الواسعة، تمنحه حرية التصريح والنشاط والتطرّق إلى ملفات هامة ومصيرية، أهمها على الإطلاق: الإنتخابات، الوضع الأمني، مكافحة الإرهاب، الأحزاب والنشاط السياسي والجمعوي. شعور زرهوني حسب إستنتاجات أوساط متابعة ب "تضييق الخناق" والإبعاد عن واجهة الأحداث، يكون وراء الجهر بمطالبته ب "توضيحات" ووضع النقاط على إبعاده من وزارة الداخلية وتعيينه نائبا للوزير الأول، حيث لم يتضح إلى الآن المهام والملفات المكلف بها. خرجة يزيد زرهوني، وهو الرجل "المحنّك" والمتمرّس والمخضرم، ليست إلاّ الشجرة التي تغطّي غابة التغيير الحكومي الأخير، الذي استحدث منصب نائب الوزير الأول، لكن "التوضيحات" التي طلبها وزير الداخلية السابق، تعطي الإنطباع بأن تحويل زرهوني من منصب الداخلية إلى منصب نائب الوزير الأول، كانت "خارج رغبته"، فهل سيتلقى زرهوني ردّا حول إستفساراته؟.