ولاة الجمهورية يعيشون هذه الأيام "خلعة" لا يعلمون متى وكيف ستنتهي، فحركة التغيير والتحويل والإحالة على التقاعد، مازالت معلقة من عرقوبها إلى أجل غير مسمّى، فبين الولاة الذين بلغتهم أخبار و"إشاعات" العزل، وبين الولاة الذين علموا من "مصادرهم الخاصة" باستمرارهم، يتواصل الرعب في قاعة الانتظار بنفس الأجواء التي يتواجد عليها الوزراء عندما تتحرّك آلة الحديث عن تعديل أو تغيير حكومي قادم ! * * إذا كان بعض الولاة مثلهم مثل بعض رؤساء الدوائر وبعض الأميار وبعض الوزراء يستحقون البقاء وتمديد عهدتهم تثمينا لما بذلوه من جهد وحسن تدبير، كل حسب منصبه ووظيفته، فإن آخرين من هؤلاء المسؤولين لا حلّ لهم سوى عزلهم في أول تعديل أو تغيير عقابا لهم على سوء التسيير وفرملة التنمية والمشاريع وخاصة البرنامج الرئاسي الذي صوّتت لصالحه الأغلبية من الجزائريين. * * حركة التغيير ليست لها أيّ وقت، وتبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية، ولذلك فإنها قادمة إن آجلا أو عاجلا، وقد يكون "التأجيل" فرصة ذهبية لبعض الفاشلين والعاجزين و"المغضوب عليهم"، من أجل تصحيح أخطائهم وسدّ ثغراتهم، بما قد يخفّف عليهم "العقاب" وينجيهم من عملية قطف الرقاب التي أينعت وحان وقت قطافها! * * لكن يبدو أن تأخير الحركة في سلك الولاة التي أعلنت عنها الصحافة وتملأ منذ مدة كواليس وأروقة الإدارة والإداريين عبر الولايات والدوائر والبلديات، تسبّبت في إحداث التنويم المغناطيسي وسط "الخوافين" المعنيين بحركة الزبر، وبدل أن تتحرّك العجلة فإنها تعرّضت لإعاقة شبه كلية بعدما سكنت الألسن عبارة: "مور الحركة ربي يدير فيها طريق"! * * هي تقريبا نفس الأجواء التي تحبس أنفاس الوزراء عندما يعود الحديث عن تغيير حكومي وشيك "ما يسلك فيه غير طويل العمر وقاسح الكبدة"، فأصحاب المعالي يتعرّضون لنوبات قلبية وتشنجات عضلية، لا تنتهي إلاّ عندما تعلن مصالح رئاسة الجمهورية عملية التعديل فيثبت البعض ويغيّر البعض الآخر ويُعزل آخرون، فيتنفس الجميع الصعداء، كلّ على طريقته وبما ملكت أيمانه. * * حركات التغيير هي بطبيعة الحال نعمة بالنسبة للبعض ونقمة بالنسبة للبعض الآخر، وهناك من تطلّ عليه ليلة القدر في هذه المناسبات التي تبقى خير من ألف مناسبة، فيما هي بالنسبة لآخرين نذير شؤم وسبب سكتات قلبية مؤجلة، وهنا الحديث لا يخص فقط المعنيين بتلك الحركات، وإنما بالحاشية وذوي القربى والطماعين من الأهل والأصدقاء الذين ينتظرون صعود هؤلاء ونزول أولئك بفارغ الصبر. * * نعم، كلما عادت مواعيد التغييرات والتحويلات، سواء في الحكومة أو سلك الولاة والدوائر، تنتشر روائح "التخلاط والتخياط"، وتشتغل محركات التعبير عن المكبوتات والرغبات، ويحاول البعض توجيه المعلومات بتسريب أخبار يتضح أحيانا أنها مغلوطة ومظللة، هدفها ترجيح كفة فلان و"تسخين البندير" ضدّ علان، وهي "الدعايات" التي لا تتوقف إلاّ عندما ترسّم قائمة المعزولين والمحتفظين بمناصبهم! * * المسؤولية تبقى تكليفا وليست تشريفا، ولذلك لا طائلة من رحلة الشتاء والصيف وحلقات الذهاب والإياب، ولا فائدة من القيل والقال وربط البطون، وقديما قالوا: "ألّي ما في كرشو التبن ما يخاف النار"، والحركة في سلك الولاة قادمة اليوم أو غدا، حيث سيتم تفجير الدملة، فيفرح المحظوظون والمتفانون في عملهم، فيما ستخيب آمال المتكاسلين والمتقاعسين والمتسكّعين على أرصفة الدولة!