وافقت حكومة النيجر على طلب للجيش الفرنسي بدخول مجالها الجوي وأراضيها لأول مرة منذ نحو 25 عاما، في تطور لافت لنزاع الغرب مع الجماعة السلفية، وذلك بداعي تعقب الرهائن الفرنسيين المختطفين منذ الأربعاء الماضي، حيث مناجم اليورانيوم، شمال العاصمة نيامي. وقالت مصادر على صلة بملف المختطفين، إن نحو 100 فرنسي متخصصين في مكافحة الإرهاب وصلوا إلى عاصمة النيجر نيامي، في طائرة استطلاع، وسط تكتم من وزارة الدفاع الفرنسية على الخبر، بحيث صرح متحدث باسم الوزارة المذكورة انه ليس لديه معلومات بشأن وصول عسكريين فرنسيين إلى هذه الدولة، غير أن تكتم السلطات الفرنسية على الإنزال فضحه المجلس العسكري الحاكم في النيجر، الذي أكد على لسان أحد المقربين منه قائلا: "بعد الذي حدث في ارليت (المنطقة التي خطف فيها الرعايا الفرنسيين)، أعطينا موافقتنا لفرنسا كي تنشر طائرات وأفراد على أراضينا للعثور على الرهائن وتحريرهم." وبحسب مصادر متطابقة فإن العسكريين الفرنسيين الذين حلوا بالأراضي النيجرية يتمركزون في فندق بالعاصمة نيامي، ووضعت تحت تصرفهم طائرات استطلاع للقيام بطلعات جوية وهم موزعون على خمسة فرق. وأفادت المصادر ذاتها أن القوة الفرنسية "قامت حتى الآن في المنطقة بطلعات استطلاع استمرت ل 21 ساعة لتحديد مكان وجود الرهائن". ويعزز الإنزال الفرنسي بدولة النيجر من احتمالات إقدام باريس على توجيه ضربة عسكرية ل"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، بصفتها الجهة المشتبه في تورطها في عملية الاختطاف، غير أن حادثة مهاجمة خاطفي الرهينة ميشال جيرمانو، والتي انتهت بتصفيته، تدفع السلطات الفرنسية إلى دراسة المسألة بعمق، قبل القيام بأية عملية عسكرية. ويشكل الإنزال الفرنسي على تراب النيجر، خرقا واضحا وصريحا لما تضمنته لائحة الجزائر، التي توجت الاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية دول الساحل، في مارس المنصرم بفندق الهيلتون بالعاصمة، والتي شددت على ضرورة إبقاء المنطقة بعيدا عن أية تدخلات أجنبية، مع التأكيد على مسؤولية الدولة المعنية بمحاربة الظاهرة الإرهابية على أراضيها، والاستعانة بدول المنطقة في حالة الضرورة. والجديد في القضية أن الدول الغربية وفي مقدمتها فرنساوالولاياتالمتحدة، صارت تصر على اختلاق المبررات من أجل التدخل في منطقة الساحل، مستغلة ضعف دول المنطقة وغياب سلطتها على أقاليمها، وتجلى ذلك في أكثر من مناسبة، بحيث في كل مرة تجمع الجزائر دول المنطقة بشأن مشروع معين، بهدف إبعادها عن تدخلات القوى العظمى، ترد الدول الغربية بالإمعان في تشتيت هذا التقارب، على غرار ما حدث في افريل المنصرم، إذ في الوقت الذي جمعت فيه الجزائر قيادات أركان دول منطقة الساحل في أعقاب إفراج مالي عن عناصر الجماعة السلفية الأربعة، مقابل تحرير الرهينة الفرنسي، بيار كامات، أقدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية على تنظيم ندوة موازية حضرها وزراء دول المنطقة بالعاصمة البوركينابية، واغادوغو، بهدف التعاون لمحاربة المد الإرهابي في دول الساحل والصحراء.