أجمع حقوقيون ومؤرخون ومنتخبون فرنسيون، بينهم محامي الثورة التحريرية، جاك فرجاس، على أن المجازر التي ارتكبتها السلطات الفرنسية في حق المهاجرين الجزائريين الذين تظاهروا بباريس، في 17 أكتوبر 1961 على إدراجها في خانة الجرائم ضد الإنسانية التي لا يمكن نسيانها. وانتقد المحامي جاك فرجاس الكيفية التي تتعاطى بها فرنسا مع القضايا الشمال إفريقية والجزائرية على وجه التحديد، مشيرا في هذا الصدد إلى قضية موريس بابون، المتورط الأول في أحداث نهر السين بباريس، باعتباره كان مسؤولا على الشرطة بمكان وقوع الجريمة. وعبر فرجاس في حصة "حدث الساعة"، التي بثتها الفضائية "كنال ألجيري" أمس، عن استغرابه من عدم تعرض موريس بابون لأية عقوبات جراء الجرائم التي ارتكبها في حق المهاجرين الجزائريين الذين تظاهروا سلميا ضد الممارسات الاستعمارية في بلدهم، في حين كانت العقوبات في حق المسؤول ذاته، سريعة تورطه في تهم تتعلق بترحيل اليهود. وحمل زوج جميلة بوحيرد السابق بشدة على الاستعمار واعتبره الرحم الذي ترعرعت فيه "الهمجية الأوربية" في القرنين الماضيين، كما انتقد قادة بلده قائلا إن "قادتنا الفرنسيين مصابون بالعمى السياسي والأخلاقي"، غير أن المؤرخ الفرنسي أوليفيي لو كور غراند ميزون يرى انه من الخطأ تحميل موريس بابون وحده المسؤولية، لافتا إلى أن تكريس هذا التوجه من شأنه أن يقود إلى تبرئة أشخاص آخرين يكونون قد تورطوا في هذه الجريمة النكراء. ولاحظ المؤرخ الفرنسي أنه في جريمة دولة مثل تلك التي ارتكبت في أكتوبر 1961 يكون "الاختفاء القسري" أكثر التقنيات رواجا، لافتا إلى أن "الأمر كان يتعلق في إخفاء الجثة من خلال رميها في نهر السين بهدف إخفاء الضحايا والتقليل من فداحة المجازر". ويرى المحامي فرجيس أن المرحلين على خلفية هذه الأحداث يكونوا قد أعدموا بالجزائر في ظل النظام الاستعماري الذي كان مسلطا على الجزائر، غير أن التحقق من ذلك يبقى صعبا في ظل صعوبة الوصول إلى الوثائق، وهو الأمر الذي يبقى مرهونا بترخيص خاص. وفي السياق ذاته، قال رئيس بلدية نانتير الباريسية، باتريك جاري، لقد آن الأوان "لتعترف الدولة الفرنسية رسميا بجريمتها وأن يتم الإفصاح عن العدد الحقيقي للقتلى خلال هذه التظاهرة وأن لا يشكل بعد اليوم موضوع أي جدل". وأضاف المسؤول الفرنسي الذي حضر الوقفة الترحمية التي أقامها كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج حليم بن عطا الله بباريس، "نأمل جميعا أن تعترف السلطات السامية للدولة بعد 50 سنة رسميا بمسؤوليتها في هذه المجازر من خلال عمل يلزم الجمهورية".