حرّكت فضائح اللحم الحلال المزيف لأول مرة الحكومة الفرنسية ودفعتها للتحقيق فيما تقترفه الجمعيات الناشطة تحت غطاء إسلامي والتي تحرر شهادات حلال للحوم غير مذبوحة على الطريقة الشرعية مقابل أموال طائلة جعلت أرصدتها تتضخم في البنوك وتثير حولها الكثير من علامات الاستفهام. ليلى مصلوب وجاءت تحركات الحكومة الفرنسية بعد الفضائح التي أثارها عدد من المستوردين والمستهلكين والأئمة في فرنسا من خلال تشكيكهم في مصدر اللحم الموجه للمسلمين سواء في فرنسا أو الموجه للتصدير للبلدان الإسلامية. وكان أول تقرير حول القضية قامت به وزارة الفلاحة الفرنسية شهر سبتمبر الماضي، تلاه تقرير ثاني أعدته شهر جوان الماضي، وزارة الداخلية حول نشاط بعض الجمعيات التي تحرر شهادات الحلال على لحوم غير مذبوحة شرعا ويتم بيعها للجزارين والمستوردين مقابل أموال طائلة، فقيمة شهادة الحلال تباع في فرنسا مقابل 0.2 أورو عن كل كيلوغرام، ما جعل أرصدة هذه الجمعيات تتضخم في البنوك وتثير حولها الكثير من الأسئلة. وعمدت الداخلية الفرنسية إلى التحقيق حول ملف اللحم الحلال في فرنسا بعد أن أسفرت التقارير عن أرقام خيالية حول المداخيل المسجلة من تجارة اللحم الحلال في السوق الفرنسية للأغذية، قدرت بأكثر من 532 مليون أورو كدخل خام، حسب ما أوردت يومية "لوفيغارو" الفرنسية، أول أمس السبت. وأمام هذه المعطيات ركزت تحركات الحكومة الفرنسية في تحقيقها على مسألة شهادة الذبح الحلال والتحري حول الجمعيات التي برزت بقوة في فرنسا وأصبحت رائدة في منح شعار "حلال" وتمنح ضمانات للمستهلك. ففي شهر سبتمبر 2005 كشف تقرير وزارة الفلاحة عدة تجاوزات من طرف هذه الجمعيات التي تعبث بالمستهلك المسلم وأصبحت قضية الحلال تثير جدلا كبيرا واختلافا بين الجاليات وصنفتها الحكومة الفرنسية على أنها قضية تعرقل مسألة الاندماج والأمن العام. أما فحوى التقرير الثاني الذي أعدته وزارة الداخلية شهر جوان الماضي، أكد وجود مؤسستين الاولى تدعى "أفي اس"أي " في خدمتكم "والثانية تسمى "المجلس الإسلامي الدولي " تحولتا إلى كبريات المؤسسات في منح شعار الحلال وأصبحت تنافس الهيئات الرسمية التي تراقب عملية الذبح الحلال في فرنسا وهي مسجد باريس الذي يراقب أساسا اللحوم الموجهة للجالية الجزائرية في فرنسا واللحوم المصدرة إلى الجزائر بموجب اتفاق مع وزارة الفلاحة ووزارة الشؤون الدينية ومسجد إيفري ومسجد ليون. وقد كانت مؤسسة "في خدمتكم" قد جلبت أنظار وزارة الداخلية بسبب تدفق أموال ضخمة في أرصدتها جراء بيع شعار الحلال وقد تساءل المقررون عن طرق تجارة المؤسسة التي يدعمها الموقع الإلكتروني لصاحبه طارق رمضان وهو نجل المفكر حسن البنا. وأثبت التقرير أن الكثير من مسؤولي المذابح والجزارين يتعرضون لضغط كبير من طرف هذه المؤسسة بسبب رفضهم اقتناء اللحوم المدمغة "حلال" من طرفها، كما أن عددا من الأئمة دعوا إلى مقاطعة محلات الجزارة التابعة لهذه المؤسسة التي تنفي بدورها كل التهم الموجهة إليها وتصف تقرير وزارة الداخلية بالتقرير المغلوط. ومن شأن قضية الحلال أن تتحول إلى قضية سياسية في فرنسا قد تثير تمرد الجالية المسلمة، خاصة وان نفس التقريرين يؤكدان أن التلاميذ في المدارس صاروا يحرضون زملاءهم على مقاطعة اللحوم في المطاعم المدرسية، كما أن أولياء التلاميذ يطالبون بمراقبة اللحوم من طرف ممثلين من لجان الجالية. وعرف سوق اللحم الحلال في فرنسا تطورا كبيرا، فالجزارين المسلمين يبلغ عددهم في فرنسا أكثر من 4 آلاف جزار، أي يمثلون نسبة 18 بالمائة من مجمل الجزارين في فرنسا، ففي الضاحية الباريسية فقط ينشط حوالي 625 جزار مسلم من بين 1500 جزار، أي ما يمثل نسبة 42 بالمائة. المستوردون الجزائريون يقاطعون لحوم أوروبا أكد مصدر من الجمعية الوطنية لمستوردي اللحوم الحمراء والسمك أن المستوردين قاطعوا بصورة نهائية اللحوم الأوروبية، كما أكد انه منذ شهري جوان وجويلية بلغت نسبة الاستيراد من أوروبا الصفر بسبب فضائح الحلال المزيف والتشكيك حول مصادر اللحم الموجه للاستهلاك البشري. وجاء قرار المقاطعة الذي توصل إليه أكثر من 17 مستوردا منخرطا في الجمعية بعد فشل كل المساعي في استحداث لجنة وطنية جزائرية للذبح الحلال تتولى مهمة مراقبة اللحم المستورد، وسبق للجمعية أن راسلت لأكثر من مرة وزارة الشؤون الدينية لمناقشة قضية لجنة الذبح الحلال، لكن هذه الأخيرة لم ترد على مطالب الجمعية، يذكر ان الجزائر استوردت السنة الماضية، أكثر من 10 آلاف طن من اللحوم المشكوك فيها من أوروبا وهي لحوم أكد المستوردون انها ليست مذبوحة على الطريقة الإسلامية.