كشف إرهابيون سلموا أنفسهم حديثا لأجهزة الأمن، عن وجود تململ في صفوف تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، بسبب الاستراتيجية الأخيرة التي تبناها عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود) مؤخرا، عندما أراد تسجيل بصمات إرهابية عن طريق اعتداءات بالمتفجرات والعمليات الانتحارية، ما ترتب عنه تفكيك عديد من شبكات دعم هذه العمليات، إضافة إلى نقص التمويل ونفاذ المؤونة بسبب حصار الجيش، ما دفع قيادة التنظيم الإرهابي للعودة إلى أعمال السطو على البنوك ومركز البريد واختطاف رجال الأعمال والمقاولين. سلم إرهابيان كانا ينشطان تحت لواء "كتيبة الفاروق" بضواحي برج منايل ببومرداس، نفسيهما لأجهزة الأمن، قبل أسبوعين. وتشير المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي"، أنهما وفرا معلومات لقوات الجيش حول تواجد مجموعة إرهابية بلقاطة تضم قياديين وأمراء، وأسفرت عملية التمشيط على القضاء على أخطر وأقدم الإرهابيين بالمنطقة منهم المدعو "جاك". وجاء في إفادة التائبين حسبما تسرب ل"الشروق اليومي"، أن التنظيم يعيش تململا داخليا ضد الأمير الوطني بسبب الإستراتيجية الأخيرة التي تبناها، ونقل هؤلاء "استياء قادة التنظيم بعد تفكيك أجهزة الأمن أبرز شبكات دعم وإسناد الجماعة"، وحملوا المسؤولية لدرودكال الذي ضحى بالشبكات الحضرية من أجل ترك بصمات داخل التنظيم بعد سلسلة الضربات العسكرية التي تلقاها وأدت إلى تفكيك قيادة أركانه.وإذا صحت المعلومات التي نقلها التائبان، فإن درودكال برأي مراقبين أراد تسجيل بصمات إرهابية عن طريق تنفيذ عمليات انتحارية تحقق له صدى إعلاميا ما تطلب تحريك وتفعيل الشبكات الخفية المغروسة في المناطق الحضرية التي كانت مجهولة الهوية من طرف أجهزة الأمن على خلفية أن عناصرها غير مبحوث عنهم، وكانت هذه الشبكات تشكل القاعدة الخلفية للدعم اللوجيستيكي وإدارة الإستثمارات من خلال تبييض أموال الغنائم، كما كانت تتحرك بسهولة في وسائل النقل للتزود بالمعلومات والتزود بالمواد المتفجرة والمؤونة وربط الاتصالات وتمكنت مصالح مكافحة الإرهاب من تفكيك هذه الخلايا بناء على التحقيقات في العمليات الإنتحارية. واستنادا إلى تصريحات التائبين، فإن قيادات "القاعدة" ترى أن درودكال "ضحى بالشبكات الحضرية من أجل تنفيذ عمليات تترك بصمات داخل التنظيم" لكنها انقلبت ضده وجعلته في مواجهة أمرائه ونقل عن أحدهم قوله "من أجل تسجيل عمل استعراضي ظرفي ضحينا بشيء استراتيجي". وتؤكد عودة عمليات السطو على البنوك ووكالات البريد بمنطقة القبائل والإستيلاء على مبالغ مالية، أن التنظيم يفتقد لمصادر التمويل بعد تجفيف منابعه وتفكيك الشبكات التي كانت توفر الدعم إضافة إلى انعدام المؤونة بسبب الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الجيش على معاقل الإرهاب، حيث تفيد شهادات محلية متطابقة أن إرهابيين نفذوا مؤخرا اعتداءات على محلات لبيع المواد الغذائية بمنطقة القبائل وأرغموا أصحابها على إعطائهم كميات من السلع، وتذهب تصريحات التائبين في هذا الإتجاه عندما أكدا أن "الأكل محدود ويتناول الإرهابيون عجائن مغلية في الماء فقط في الأشهر الأخيرة ويعيشون حاليا في حالة تنقل دائمة نحو مناطق آمنة بسبب عمليات التمشيط". ولا يستبعد مراقبون أن يؤدي اتساع موجة الغضب على درودكال إلى الإطاحة به بعد فشله المتكرر، خاصة وأن عبد المومن رشيد المدعو حذيفة أبو يونس العاصمي أمير المنطقة الثانية، كان يطمح إلى قيادة التنظيم حيث ورد اسمه بشكل لافت ك"قائد" في بيانات اللجنة الإعلامية للتنظيم الإرهابي، ويعتبر بحسب متتبعين للشأن الأمني "الأمير الفعلي" الذي قد يستغل موجة الاستياء ضد درودكال لتنحيته.