دفعت تكاليف الأعراس والحفلات التي ما فتئت ترتفع سنة بعد سنة حتى أضحت خيالية الكثير من العائلات إلى الاستعانة باللحوم المجمدة في تحضير أطباق الأعراس المتنوعة بدل شراء اللحوم الحمراء الطازجة أو ذبح المواشي التي أصبحت أسعارها دون قدرة العائلات الجزائرية التي تبقى تفضل "المظاهر" على حساب أي شيء آخر. إيمان بن محمد لا يختلف اثنان على أن الأفراح في بلادنا وخصوصا في المدن الكبرى امتزجت في معظمها بالرياء والتقليد والتباهي ولو على حساب الإمكانيات المادية البسيطة وحتى المحدودة للكثير من الجزائريين الذين قد يضطرون إلى الاستدانة لتغطية تكاليف أعراس يسعون من خلالها إلى أن تكون في المستوى، فيتحدث عنها الناس لأيام وأيام. وأصبح همّ الكثيرين اليوم هو "المظاهر"؛ كقاعة الحفلات التي يجب أن تتوفر على كافة المزايا و"التصديرة" التي يُفترض أن تبهر الأعين والحلويات المصنوعة باللوز... هذه التكاليف الخيالية لتغطية "ظاهر" الأعراس أدت ببعض العائلات التي لن تستطيع أن تحمّل نفسها أكثر من ذلك إلى التخلي عن ذبح المواشي كما جرت عليه العادة طيلة هذه السنين أو اللجوء إلى شراء ما يكفي من اللحوم الطازجة بسبب ثمنها الباهض خصوصا بعد الارتفاع الذي شهدته مختلف اللحوم الحمراء في الآونة الأخيرة، والاكتفاء فقط باللحوم المجمدة بالنظر إلى سعرها المناسب الذي لا يتجاوز حدود 300 إلى 350 دج للكيلوغرام الواحد. فبعد أن غزت اللحوم المجمدة نسبة معتبرة من المطاعم ومحلات الأكل السريع، ها هي الآن تغزو موائد الأعراس والحفلات في العاصمة وضواحيها، طبعا في السر وبدون علم المدعوين خشية اللوم والعتاب وتفاديا للسخرية. وفي هذا الإطار، أكدت السيدة "عائشة" التي زفت ابنتها الشهر الماضي أن دخل زوجها المحدود والتكاليف الكبيرة التي أنفقتها في تحضير العرس حالا دون شراء الكبش او الكمية اللازمة من لحم الخروف او البقر والتي لا تقل في كافة الأحوال عن 20 ألف دج، فلم تجد أمامها سوى اللحوم المجمدة التي قالت عنها انها غير مكلفة وتؤدي وظيفة اللحم العادي في إضفاء النكهة على الأطباق التقليدية. وعن المأكولات التي استعملت فيها اللحوم المجمدة، قالت المتحدثة أنها استعملته في "طاجين الزيتون" وفي مرق الكسكس. خالتي "الطاوس" احتفلت مؤخرا بزواج ابنها الذي تحدث عنه كل سكان منطقتها، لكن لا أحد كان يعلم أو يشك في أن اللحوم التي كانت حاضرة في مختلف الأطباق التي حُضّرت كانت مجمدة. وفي هذا الصدد قالت المتحدثة أنها لم تشأ إخبار أحد حتى لا يغدو عرس ابنها "أضحوكة" المنطقة، مشيرة إلى أنها ليست الأولى التي تلجأ إلى هذا الحيلة، بل إن الكثير من العائلات أصبحت تستخدم الآن اللحوم المجمدة كبديل للحوم الطازجة. أما عن الأطباق التي استعملت فيها "حيلتها" فهي الشوربة بِكُريّات اللحم المفروم والطاجين الحلو وطاجين الزيتون. لاشك أن سماع مثل هذا الخبر قد يصيب البعض بالدهشة وقد لا يصدقه البعض الآخر، لكن الكثيرين ممن سمعوا بهذه "الحيلة" علقوا قائلين بأننا في زمن "أصبح كل شيء فيه ممكنا، ولا مجال للاستغراب ما دمنا قد أكلنا لحوم الحمير والخنزي