أفراحنا..مصدر أمراضنا الصيف.. موسم الأعراس والحفلات العائلية التي لا تتم إلا بالتفاف العائلات وتجمعها حول "المائدة" حتى أصبحت رمزا لأفراح الجزائريين. * * حالة تسمم واحدة تكلف الدولة حوالي 3 آلاف دج ليوم واحد من الإنعاش والرعاية * * إلا أنها يمكن أن تكون "سمًا" يُحول الفرح إلى مأتم جماعي في رمشة عين، خاصة وأن دراسة حديثة للوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة كشفت أن حوالي 62 بالمائة من حالات التسمم الغذائي المسجلة بالجزائر تحدث في التجمعات العائلية والأعراس و"الزرد"، حيث استقبلت المستشفيات الجزائرية 3560 حالة تسمم غذائي خلال سنة 2007 أغلبها في فصل الصيف الذي لم يكن مرادفا للفرح في ظل هذه الأرقام الخطيرة..؟! * ورغم انخفاض حجم حالات التسمم الغذائي في الجزائر ب 10٪ حسب أرقام وإحصائيات وزارة التجارة التي أشارت إلى أن أكثر من 9000 شخص أصيبوا بتسمم غذائي سنة 1999 في حين انخفض الرقم إلى 3560 السنة الماضية، إلا أنه رقم مخيف حسب المتتبعين لواقع الصحة العمومية في الجزائر باعتبار أن التسمم الغذائي هو حالات مرضية خطيرة يمكن تجنبها، حيث قال الدكتور محمد وحدي، مدير الوقاية بوزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، أن هذه التسممات الغذائية تحدث خاصة خلال الأعراس والأفراح العائلية كحفلات شهادات النجاح في البكالوريا والدراسة وتتسبب فيها الأطباق المطبوخة التي لا تراعى فيها شروط الصحة والنظافة خلال عملية تحضيرها والتي تكون عادة مواد غذائية غير صالحة مثل الكسكسي والمرطبات واللحوم بشتى أنواعها والحليب ومشتقاته، موضحا أن إصابة واحدة بتسمم غذائي تكلف خزينة الدولة بين 27 إلى 40 دولارا ليوم واحد من الإنعاش والرعاية بالمستشفيات أي حوالي 3 آلاف دينار، وكما أكد أن جزءا كبيرا من المسؤولية تتحمله مصالح وزارة التجارة التي تتساهل أحيانا في منح السجلات التجارية ومصالح شهادات المطابقة لبعض التجار الذين يفتقدون لأدنى شروط النظافة والمهنية. * وتشير إحصائيات وزارة التجارة إلى أن 28 بالمائة من التسممات الغذائية المسجلة في 2007 تسبب فيها اللحم، واتضح أيضا من خلال دراسة أخرى لذات الوزارة أجريت على 864 عينة مقتطعة من اللحوم والمنتجات اللحمية، أن 280 منها غير مطابقة، وهو ما يمثل نسبة 32.4 من مجموع العينات المقتطعة. * ويعتبر اللحم حسب البروفيسور إسماعيل مصباح، مختص في الأمراض المعدية، أهم مكونات أطباق الأعراس والأفراح الجزائرية والذي عادة ما يكون استهلاكه مباشر غير خاضع للرقابة البيطرية باعتبار أن العائلة الجزائرية تفضل في الأعراس أن تذبح مباشرة المواشي أوالدواجن في البيت الذي لا يتوفر عادة على الشروط والمعايير الصحية على حد تعبير البروفيسور مصباح الذي أكد أن الجراثيم في اللحوم تتكاثر في الحرارة ضعف البرودة، حيث تتكاثر كل جرثومة موجودة في ألياف اللحوم كل نصف ساعة مرتين في درجات الحرارة العالية بينما يثبط تكاثرها في درجات الحرارة المنخفضة وهذا ما يرفع درجة احتمال وقوع تسمم غذائي بعد تناول لحوم لم تحفظ بصورة جيدة وفي درجات حرارة جد منخفضة، وهذا ما يقع عادة في الأعراس فضلا عن الطريقة التي تُحضّر بها أطباق الأفراح والأعراس. * حيث أكد الدكتور آيت علي سليمان، أستاذ مساعد مختص في الأمراض المعدية، أن جرحا متعفنا بيد سيدة من اللواتي يشرفن على فتل الكسكسي أو تحضير أحد الأطباق التقليدية أين يكون احتكاك مباشر بين المواد المكونة للطبق واليد المصابة بجرح في ظل درجة الحرارة المرتفعة، يمكن أن يحدث تسمما غذائيا يذهب ضحيته جميع المدعوين ليتحول بذلك العرس من فرح إلى مأتم، مشددا على أن احترام قواعد النظافة البسيطة تسمح بتفادي مثل هذه الكوارث الصحية الجماعية.