أصبح بالإمكان اليوم اختراق جميع الحدود الجغرافية فبكبسة زر واحدة يمكن إقامة عشرات الصداقات من مختلف أنحاء العالم، فما أتاحته التكنولوجيا من مواقع محادثات صوتية ومكتوبة وبريد إلكتروني سهل على الشباب الجزائري الإبحار في عوالم النت وإقامة صداقات افتراضية، فضلها الكثيرون على الصداقات العادية، بغية تحقيق أهدافهم التي لم يتمكنوا من تحقيقها عن طريق هذه الأخيرة. ازدادت في الجزائر أعداد مرتادي مقاهي الانترنت بحيث أوجدوا لأنفسهم خلف زجاج شاشاتها أصدقاء من مختلف أنحاء العالم يبادلونهم أخبارهم، وما يحدث معهم وحتى أسرارهم التي عجزوا عن البوح بها لأقرب الناس إليهم، يرجع غالبية من يلجأون إلى ربط صداقات خارج حدود الوطن السبب في ذلك إلى رغبتهم في اكتشاف ثقافات الغير وطريقة تفكيرهم والتعرف عن قرب على عادات وتقاليد شعوب بعيدة. ولعل حب اكتشاف المجهول والرغبة في معرفة الجديد هو ما دفع الملايين منهم إلى ركوب سفن النت والإبحار بها في عالم الدردشة الذي يحوي بين طياته مئات المواقع مصممة خصيصا للتعارف وإنشاء الصداقات وبمختلف اللغات وأصبح بإمكان أي شخص أن يكوّن صداقات في أي نقطة من الكرة الأرضية في وقت قصير جدا. وفي الجزائر على غرار باقي دول العالم، وجد الكثيرون في مواقع التعارف فرصة لتكوين صداقات خارجية لأسباب مختلفة تأتي في مقدمتها الهجرة، وغالبا ما يختارون مواقع أوروبية لزيادة حظوظهم في السفر إلى هذه الدول أما الفئة الثانية فقد وجدت في الصداقات مع أناس آخرين، سواء كانوا عربا أو أجانب فرصة للتغيير والبحث عن أناس جدد يحملون أفكار جديدة يتناقشون فيما بينهم ويحاولون إيجاد حلول لمشاكلهم. والمتصفح لمواقع الانترنت يندهش للكم الهائل من مواقع التعارف وبكل اللغات وأكثر المواقع التي تغري الجزائريين هي المواقع الناطقة باللغة الفرنسية تأتي بعدها المواقع العربية التي تفضلها الفتيات. الهروب من قيود المجتمع يبحث الكثير من الشباب في مواقع الدردشة عن أصدقاء يشاركونهم أفراحهم أحزانهم آمالهم وأحلامهم في أي نقطة من العالم، المهم أن يكونوا خلف الشاشة يحدثونهم باستعمال أجهزة صوتية الكترونية وكاميرات رقمية حديثة تسهل على المتحادثين رؤية بعضهم البعض وهي التقنية التي شجعت الكثير من الشباب في مجتمعنا على استعمالها. يقول ''أمير'' صاحب مقهى إنترنت إن أغلب الشباب الذين يقصدون المحل يدخلون مواقع الدردشة ويقضون الساعات والساعات في المحادثة خاصة في الفترة الليلية حيث تنخفض أسعار الانترنت لكن الملاحظ، يضيف ''أمير'' أن الفتيات أصبحن يقبلن بكثرة على هذه المواقع بحثا عن أصدقاء جدد بعيدا عن الرقابة التي يفرضها المجتمع، وعن الحدود التي وضعها لتقنين مثل هذه العلاقات. وأصبح للصداقة أزرار يؤكد الشباب الذين استفسرناهم عن سر إقبالهم على مواقع الدردشة أنهم يلجأون إليها عند شعورهم برغبة في أن يسمعهم أحد ما وهم على ثقة انه سيمنحهم رأيه الصريح دون نفاق، وهذا ما لم يعد متوفرا في صداقات اليوم على حد تعبيرهم، ''لطفي'' طالب جامعي يرى في مواقع الدردشة أنها تمنح الفرصة لربط علاقات جديدة في أي وقت كان ومع أي شخص وفي أي مكان، فما عليك إلا إدخال قائمة اختياراتك لتظهر أمامك مئات الصور والأسماء ومن مختلف الفئات لكن يجب الإشارة إلى أن هذه المواقع لا تخلو من الخطورة خاصة لدى المراهقين من الجنسين، لأنها تحمل أفكارا خطيرة قد تؤثر على شخصياتهم. أما ''خليل'' فيرى أن الدردشة تفتح آفاقا أكثر رحابة وتزيح عنك قيود المجتمع وأفكاره البالية التي لطالما قيدتنا، آراء جميع الشباب الذين سألناهم كانت متشابهة ورغبتهم في الدردشة لا يمكن أن تزول ببساطة. ويبقى الخوف من أن تلغي الصداقة الالكترونية الصداقة العادية وأن تزيل كبسة زر علاقات اجتماعية وطيدة.