تهمل الكثير من المستشفيات بالجزائر عملية التحضير النفسي قبل بتر أعضاء المرضى، حيث تحتاج العملية، حسب المختصين، إلى مدة مسبقة لا تقل عن شهر تختصرها المصالح الطبية في أيام فقط قبل البتر، مما يعود سلبا على نفسية المريض. ذكرت المختصة النفسانية سامية والي ل "الشروق اليومي" أن المصالح الطبية بمستشفياتنا لا تهتم كثيرا للتحضير النفسي للمرضى الذين سيخضعون إلى بتر عضو من أعضائهم مثلما هو معمول به في الدول المتقدمة، وهي الخطوة التي تهملها أغلب المستشفيات في الجزائر نظرا لاضطرار الأطباء في الدقائق الأخيرة إلى البتر، مما يحول دون إعطائهم الوقت الكافي لتحضير المريض نفسيا لهذا الإجراء الذي يخلف ضررا نفسيا بالغا ويتطلب علاجا ودعما نفسيا كبيرا بعد العملية.وبعض المستشفيات الأخرى لا تتوان عن إخبار المريض مباشرة بأن عضوا من أعضائه سيبتر إنقاذا لحياته دون مراعاة الأثر النفسي للخبر على المريض، فالمهم عندهم هو إنقاذه من الموت بأية طريقة ولا ضير أن يتلقى الرعاية النفسية بعد ذلك."عبلة" كانت إحدى ضحايا هذا البتر دون تلقي الرعاية النفسية، حيث بُتر إصبع رجلها الأصغر اثر تعرضها إلى حادث مرور مؤلم بطريق العاصمة -البليدة، واضطر الأطباء بمستشفى البويرة إلى بتر إصبعها دون استشارتها ولا تهيئّتها نفسيا، لأنها كانت غائبة عن الوعي واضطروا إلى بتر الإصبع لتسهيل خروج الدم المتعفن جراء النزيف الحاد الذي طالها من الحادث.وتأثرت "عبلة" كثيرا لفقدان إصبعها الأصغر من هذه العملية رغم أنه أنقذها من بتر كامل رجلها، خاصة أنها عروس منذ ثلاثة أشهر وأبكاها الخبر أكثر مما أفرحها احتفاظها برجلها كاملة.وكانت "عبلة" أسعد حظا من "خيرة" من تمنراست التي قصدت مستشفى بن عكنون منذ أكثر من شهر بمرض أصاب رجلها واستهانت بالإصابة ظنا منها أنها غير بليغة ولجأت لمداواتها بالطرق التقليدية حيث تفاقم الجرح وتحول إلى سرطان كاد أن ينتشر بكامل الجسم لولا أن تداركه الأطباء الذين اضطروا يوما قبل العملية إلى إخضاع المريضة للطب النفساني، حيث وجدت المختصة النفسانية صعوبة كبيرة في إخبارها بالفاجعة التي ستحل بها من أن رجلها ستبتر لإيقاف امتداد المرض الخبيث إلى باقي الجسم، وبالتالي المحافظة على حياتها. وبدأ عمل الأستاذة سامية والي بتهوين فقد رجل مقابل الحصول على الحياة، وذلك بأن تروي لها قصة مشابهة لها ثم تجعلها تدرك بالإسقاط انه هي المقصودة بالقصة.الخبر كان صعبا جدا على أذنيها، وتقبله كان أصعب، لكن الوقت لم يبق أمامها، وعليها بمسارعته قبل أن يفعل "الخبيث" فعلته وتمّ بتر الرجل، تقريبا كاملة، وبقيت الحسرة بادية على وجه المريضة بعد انتهاء العملية ولزمها الإحساس أن رجلها ما تزال موجودة، وهو ما أثّر أيما تأثير على الطبيبة التي أسفت أن مصالحنا الطبية لا ترعى الجانب النفسي في هذه الحالات الحرجة. أما "عامر" بمستشفى البليدة فهو ينتظر الى الآن إجابة الطبيب فيما إن كانت رجله ستقطع أم لا بعد أن خضع لعملية زرع مقطع عظمي يصل بين الرجل والساق، ولا حديث له إلا عن أوان الإعلان عن نتيجة العملية المجراة منذ ثلاثة أشهر، مما جعل حالته النفسية تتدهور من فرط الانتظار الذي تقل نسبة الأمل فيه يوما بعد يوم.