أفاد تقرير لشبكة "سويس أنفو" الإخبارية أن وزراء دفاع كل من الجزائر، مصر، تونس وليبيا قرروا في اجتماع عقدوه أواخر شهر جويلية الماضي بطرابلس الغرب تشكيل "قوة عسكرية شمال إفريقية لحفظ السلام والاستقرار" بمبادرة من مجلس السلام والأمن للاتحاد الإفريقي الذي استحدث سنة 2004. غنية قمراوي ويلاحظ من خلال أسماء البلدان المشاركة في "القوة" أن هذه لا تكتسي الطابع المغاربي لوجود مصر بين صفوفها وغياب كل من المغرب وموريتانيا، علما بأن المغرب ليس عضوا في الاتحاد الإفريقي في الوقت الحالي، وعضويته بالهيئة معلقة منذ اعتراف الاتحاد بعضوية الجمهورية العربية الصحراوية بين صفوفه سنة 1984، كما يلاحظ أن البلدان الأربعة المشكلة لهذه القوة هي أعضاء في الحوار الأورو- متوسطي الذي يضم إضافة إلى الحلف الأطلسي، 10 بلدان من الضفة الجنوبية للبحر المتوسط بينها الدول المغاربية، مصر، الأردن وإسرائيل، وتجري هذه الدول مناورات دورية في مياه المتوسط منذ منتصف التسعينيات. ومع أنه لم ترد أية تفاصيل عن هذه القوة ولا مهامها، فإن المؤشرات تقول إنها أتت استجابة لقرارات القمة الإفريقية الأخيرة التي شدّدت على ضرورة تكوين قوات حفظ سلام مؤلّفة من بلدان القارّة بمناسبة مناقشة الوضع في دارفور وارتفاع الأصوات المطالبة بتدخل عسكري لوضع حدّ لمضاعفات الأزمة وإنهاء المعارك في السودان، كما يذكر ارتفاع أصوات حينها للمطالبة بمساعدة منظمة الحلف الأطلسي من أجل حفظ السلام هناك ضمن أطروحة اقترحتها واشنطن ولاقت معارضة شديدة من باريس التي فضلت بقاء الحلف الأطلسي بعيدا وتكفل قوة إفريقية بالمهمة، وهو الشيء الذي قام به نائب وزيرة الخارجية الأمريكية روبرت زوليك في جولة قام بها في عواصم إفريقية، من بينها عواصم مغاربية في الربيع الماضي (قبل الاستقالة من منصبه)، لحثّها على المشاركة في القوات الدولية التي كانت واشنطن تبذل قُصارى جهودها لإرسالها إلى دارفور. وقد نفى عبد العزيز بلخادم عندما كان وزيرا للخارجية مسألة مشاركة الجيش الوطني الشعبي في قوة تحت لواء الاتحاد الإفريقي، معتبرا وقتها أن الجزائر ليست معنية بالدخول في أي قوة أو تكتل تحت أي لواء كان. كما أشار التقرير الإخباري إلى أن ميلاد "قوة عسكرية شمال إفريقية لحفظ السلام والاستقرار" ستُتيح للقارة الإفريقية تعزيز قُدرتها على الاضطلاع بمهمّات حفظ الأمن والسلام والاستقرار في بؤر التوتر المفتوحة في هذه المنطقة من القارة، علما أن إفريقيا اعتمدت حتى الآن في مواجهة الصراعات المسلحة على قوات متعددة الجنسية تحت لواء منظمة الأمم المتحدة. ومرجّح حسب نفس المصدر أن القوة المشتركة ستُؤلّف من وحدات عاملة في جيوش البلدان المعنية، غير أنها ستبقى في بلدانها وتشترك في مناورات دورية مع بعضها البعض لتدريبها على العمل معا. وتختلف القوة الشمال إفريقية المحتمل تشكيلها عن إطار التنسيق العسكري بين وزراء دفاع مجموعة (5 + 5) الذين عقَدوا اجتماعهم الأخير في الجزائر يوم 8 ديسمبر 2005. ويضم مسار (5 زائد 5) عشرة بلدان عربية وأوروبية مُطلّة على الحوض الغربي للمتوسط، من بينها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، غير أنه اقتصر حتى الآن على درس آفاق تكثيف التعاون في المجالات الأمنية والعسكرية، انسجاما مع الأولوية التي تمنحها البلدان الأعضاء لمكافحة الإرهاب والهجرة السرية. ويذكر أن التعاون بين الحلف الأطلسي ودول المغرب العربي تعزّز بعد تواتُر تقارير استخباراتية أمريكية وغربية أفادت أن منطقة المغرب العربي باتت أحد المعابِر الرئيسية لعناصر الجماعات المسلحة نحو أوروبا تحت ستار الهجرة السرية. وبدافع من تلك المخاوف، أجرت قوات أمريكية وأطلسية مُناورات مُشتركة مع قوات تسعة بلدان مغاربية وإفريقية أواسط جوان من العام الماضي، استمرت عشرة أيام وخُصِّصت للتدرَب على مكافحة "جماعات إرهابية"، بمشاركة وحدات من المغرب والجزائروتونس وموريتانيا والنيجر ومالي والسينغال وتشاد ونيجيريا، بقيادة الجنرال هولي سيلكمان، قائد القوات الأمريكية في أوروبا. ويحتمل أن يزود الحلف الأطلسي "القوة" بالخبرة العسكرية الإستخباراتية اللازمة من منطلق أنه سيكون المستفيد من وجودها على تراب القارة الإفريقية بدلا عنه، ومن ثم يتضح أن دوره في تحديد تشكيلتها ومهامها والتأثير عليها سيكون بلا شك كبير، خاصة أن البلدان الأعضاء فيها لا تملك من الخبرة ما يجعلها تعتمد على نفسها في إدارة قوة يناط بها حفظ الأمن والسلام في بؤر توتر في إفريقيا.