»والتين والزيتون وطور سينين«... آيات بينات يحفظها الجزائريون ويدركون أن »التين« و»الزيتون« من بين المزروعات التي مازالت تحافظ على بعض الإهتمام، وتجد الجزائر نفسها ضمن الأوائل عالميا حتى وإن كان مركزها من المفروض أن يكون أحسن بالنظر إلى الظروف المناخية والطبيعية التي تسمح بأن يكون »التين« الجزائري الأحسن والأكثر وفرة في العالم، خاصة أن تركيا مثلا تنتج سنويا 255 ألف طن من التين ولا يتجاوز إنتاج الجزائر 41 ألف طن فقط. ناصر التين أو » الكرطوس« هو فاكهة موسمية تطل علينا في بداية وأواخر الصيف، وهي فاكهة مذكورة في القرآن الكريم مما يعني قدمها، والشائع أن أصلها من المشرق العربي وإفريقيا الشمالية، ولكن الأوربيين طوروها وأخذها الفرنسيون من الجزائر وزرعوها حتى في باريس غير أن الظروف الطبيعية تجعل من تين المناطق الدافئة الأشهر في العالم. ويبلغ طول أشجار التين العشرة أمتار ويتراوح أعمار الكرمة ما بين 50 إلى 70 سنة. وللأسف فإن ما يعاينه (التين) الجزائري هو شيخوخة أشجاره التي تعود إلى العهد الإستعماري. وبإمكان التين أن يعطي من 50 إلى 20 طنا في الهكتار الواحد، ولكن أوقاته (الموجزة) هي التي تجعل المزارعيين لا يجازفون بزراعته، وبقيت مناطقه الموروثة من العهد الفرنسي على حالها، كما أن مربّى التين لا يلقى رواجا كبيرا ولا يوجد عصير عالمي مصنوع من التين.. وبالرغم من أن فاكهة التين مذكورة في القرآن وتحمل اسمها سورة قرآنية كريمة إلا أن بعض المخمورين في الجزائر استعملوا عصيرها بعد تخمير حبات التين في الماء لأجل صناعة نوع من الكحول المسكر المعروف باسم (الأراك) كما يستعمل المخمورون في تونس الفاكهة ذاتها لإنتاج الكحول المسماة (البوخة). وفائدة التين لا توصف غذائيا فهو من أغنى مصادر الفيتامينات (أ ب ث) كما يحتوي على نسبة عالية من المواد المعدنية وعلى الأخص الحديد والكلس والنحاس وكلها معادن تساهم في تكوين جسم الإنسان، و من وزنه نسجل حوالي 20٪ من السكر، مما يعني أن مئة غرام من التين تمنح الجسم سبعين سعرا من الحرارة. وفي الجزائر يتعاطى الناس كدواء التين المخفف (الكرموس) الذي يتكون من حوالي 26 سعرة، كما يتمتع بفوائد صحية مؤكدة، حيث قال بن سينا أنه مفيد للحوامل وللرضع. وقال أبوبكر الرازي أنه يقلل من الحوامض في الجسم، ويستعمله عامة الجزائريين في علاج الثؤلات بدهنها بحليب الثمرة غير الطازجة، ويؤكد الأطباء أن تناول التين المجفف رفقة المكسرات له فوائد تقوية في أيام البرد الشديد، ولكن مع ذلك يؤدي احتواء التين على مواد دسمة إلى مخاطر لدى المصابين بالتهابات بالأمعاء ويصبح الإكثار منه خطرا حقيقا. وفي هذا السياق، يؤكد الفلاحون أن الجزائر بإمكانها أن تحتل بسهولة مركزا ضمن الثلاثة الأوائل في العالم لو تم تجديد أشجار التين وإعادة بعث هذه الفاكهة التي لا تحتاج لأي رعاية ما دامت التضاريس الجزائرية والمناخ كفيلين بإنجاح زراعتها، كما أنها فاكهة نادرة في العالم عموما وأقل تواجد من الكيوي والأناناس والجوز الهندي، إذ لا ينتج كل العالم في السنة إلا مليون طن، ربعها بتركيا صاحبة المركز الأول، وباستثناء إيران والولايات المتحدة فإن الدول المتوسطة تتواجد في المراكز العشرة الأولى في إنتاج التين الفاكهة التي لم تتذوقها شعوب كثيرة أبدا.