تُرى على أيّ حالة ستكون المرأة إذا علمت أنّ رحمها سيُنتزع منها؟ أو بعبارة أخرى، كيف ستواجِه أيّ امرأة الحياة بدون رحم، خاصّة وأن هذا الأخير مصدر أنوثتها وسرّ تواصلها؛ ففيه تنشأ الأجيال ومنه يُطلُّون على عالم الوجود، فإن فُقد الرّحم، فُقد جزء من الأنوثة. نادية سليماني "الشروق اليومي" تقرّبت من بعض النساء ممن انتُزعت أرحامُهنّ في محاولة لمعرفة المزيد عن الموضوع، واستفسرت من بعض الأطباء المتخصصّين، وارتأت معرفة حكم الدين في نساء ينزعن أرحامهن لغرض قطع النسل!! نساءٌ كثيرات يعانين في صمت، فقد انتُزعت أرحامهنّ أو جُزء منها بسبب أمراضَ عُضويّة وأورام حميدة وأخرى خبيثة، فأصبحن بدون رحم فأثر ذلك فيهن كثيرا. نُزع رحمها فهدّدها زوجها بإعادة الزواج "يمينة" امرأة في العقد الخامس من عمرها، انتُزع جزء من رحمها لمّا كانت في سنّ الخامسة والثلاثين، حيث حملت بابنها الخامس وفي الشهر الثالث من حملها - ودون أن تعلم- تناولت دواءً يُمنع على الحوامل فمات الجنين في رحمها، ومع مرور الوقت تعفّن الجنين، ممّا أدى إلى تعفّن الرّحم، وكثيرا ما كان يُباغتها نزيف حادّ، وبعد إجرائها فحوصا طبّية تبينت درجة خطورة حالتها، هذا ما استدعى إجراء عملية جراحية مستعجلة، وكانت هذه العمليّة تحت إشراف أطباء صينييّن، وباستعادة يمينة لوعيها وعلمها بانتزاع رحمها تأثرت بشكل كبير، وبهذا الخصوص تقول: "لقد حزنت كثيرا خاصة وأني كنت في سنّ مبكّرة ولا أزال قادرة على الإنجاب، ورغم تقبّل زوجي الأمر وحمده الله على أربعة أولاد، فأنا أحسّ أنّني امرأة ناقصة دوما، فكم وددت أن أحمل مرة أخرى غير أن الأمر مستحيل". أمّا "جميلة" فقد أصيبت بسرطان في عنق الرّحم وهي لم تُكمل بعدُ فرحة مرور ثلاث سنوات على زواجها وإنجابها بنتا وحيدة، فهي تروي مأساتها بحزن كبير.." لقد انتابتني في البداية أعراضٌ مثل الإمساك والدُّوار والغثيان وانتفاخ في البطن، مصحوبا بآلام فظيعة وبعد إجرائي تحاليل طبيّة تبيّنت إصابتي بسرطان عنق الرّحم وهو في بدايته، فنصحني الطبيب بإجراء عمليّة لاستئصاله قصد منع انتشار المرض، فوافقتُ دون تردّد، وأنا الآن بدون رحم وبطفل واحد فقط". لقد عانت "جميلة" إحباطا كبيرا منذ تلك اللحظة، وحتىّ زوجها والذي يُفترض أن يُواسيها في لحظات عسيرة كهذه أصبح يكرّر عليها أسطوانة إعادة الزواج من أخرى، عساه يُرزق بطفل يساعده في إدارة أملاكه ويرثه بعد وفاته. المتخصصّون: نزع الرحم يُشبه سنّ اليأس لدى المرأة يلجأ الأطباء لعمليّة نزع الرّحم - حسب الدكتور حميدي رشيد - أثناء إصابة النساء بسرطان عنق الرّحم خصوصا، وهذا لمنع انتشار المرض وانتقاله لأعضاء حيويّة في الجسم، وعن تقبّل النساء للعمليّة يضيف الدكتور" في البداية تتقبل النسوة الأمر بسهولة لأن السّرطان مرض ليس من الهيّن الاستهزاء به لأنه يؤدّي للوفاة غالبا، غير أنّه وبعد نجاح العمليّة تصاب مُعظم النسوة خاصة الشابّات القادرات على الإنجاب بإحباط شديد قد يصل درجة إصابتهن بصدمات نفسيّة، تؤدي إلى تردّدهن على طبيب نفساني لمعايشة واقعهن وتقبله، خاصة إذا تخلى عنهن أقرب الناس كالزوج مثلا". فعملية نزع الرحم تصاحبها أعراضٌ عديدةٌ مستقبلا، تُشبه إلى حدّ كبير أعراض سنّ اليأس لدى النساء، حيث يشعرن بارتفاع في درجة الحرارة عند الخلود للنوم، مع احمرار في الوجه، فيصاب الجلد بجفاف، وتنقطع عنهن الدورة الشهرية، ويصاب الجسم بتعب وضُعف شديدين، هذا ما يُسبّب لهن قلقا وتوترا دائمين ممّا يجعل بعض النساء يُدمنّ على المهدّئات، وتنقص الرغبة الجنسيّة لدى بعضهن. وهناك من تفكر في زراعة رحم جديدة، إلا أن هذه العملية مرفوضة طبيا، لأن الرّحم عضو مهمته الحمل، والحمل لا يمكن أن يتم مع أدوية تثبيط المناعة التي تُستعمل عند زرع جسم غريب، لأنّ ذلك يقضي على الجنين ويشوّهه. وبعيدا عن الإصابة بالأمراض تلجأ بعض النسوة لنزع أرحامهن طواعيّةً لقطع النسل وتجنب حدوث حمل غير مُتوقّع وغير مرغوب فيه، وهذا للاستغناء نهائيا عن موانع الحمل من حبوب ولوالب والتي تسبّب لهنّ بعض الإزعاج والمضاعفات عادة. حكم الدين: نزع الرحم لقطع النسل حرام قطعا لا يجوز نزع الرحم لقطع النسل، حسب الأستاذ عابر محمد إمام بمسجد بئر خادم، فأخف الضّررين أن يُشرب الدواء لمنع الحمل، أما في حالة المرض الشديد فلا حرج من نزعه بل يجب ذلك، وقد صرّح العلماء نهائيا بأن نزع الرحم لغرض قطع النسل حرام، لما في ذلك من المُضادّة لما يريده النبي الكريم من أمته، فكلما كثروا كان ذلك عزّة لهم ورفعة، فلا يجوز للإنسان أن يتسبّب في قطع النسل نهائيا، اللهمّ إذا دعت الضرورة إلى ذلك، كما لو كانت الأم إذا حملت خيف عليها أن تهلك وتموت، ففي هذه الحالة تكون ضرورةً ولا حرج أن يُعمل ما يقطع الحمل عنها، وهذا هو العُذر الذي يُبيح قطع النسل، كذلك لو أصيبت بمرض في رحمها يخشى أن يسري فيُهلكها واضطرّت إلى نزع الرحم فلا بأس من ذلك. تناقض غريب ذلك الذي يحدث في عالم المرأة !! فنساء تُنزع أرحامهن، فيعشن معاناة دائمة رغم أنه الحل الوحيد والناجح لاستئصال بعض الأمراض الخطيرة التي قد تودي بحياتهنّ، ويتجنبن شبح عودتها مرة أخرى. وأخريات مُغامرات يعمدن لاجتثاث أرحامهنّ قطعا لذريتهن، وهُن يدرين "أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا"، فالأرزاق بيد خالق الأرحام، وما من صبي يولد إلا وحضر معه رزقه.