في تجاهل متبجح متواصل للقانون الدولي والأممالمتحدة، قال وزير الاتصال المغربي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وأنها ستكون جزءا من الاستفتاء على مشروع الدستور هذا الجمعة، أحب من أحب وكره من كره، ووصف المطالبة باستثناء الصحراويين "حلم عبثي تافه"، كما حاول نفى وجود أي روح عدائية ضد الجزائر على خلفية حديث المشروع عن "الحدود الحقة"، حيث اكتفى برد دبلوماسي وحسب، دون أن يعود إلى أبعاد هذه العبارة وخلفية إدراجها . * ففي رد واضح على دعوة رئيس الجمهورية الصحراوية، محمد عبد العزيز، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى التدخل لمنع إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور المغربي الجديد بالصحراء الغربيةالمحتلة، باعتبار الصحراء الغربية تدخل ضمن تصفية الاستعمار وفق اللوائح الأممية، وهي تحت إشراف الأممالمتحدة بشكل مباشر من خلال "المينورصو"، قال المتحدث باسم الحكومة المغربية، خالد الناصري، إن "المغرب بطبيعة الحال يرفض رفضا باتا وجازما كل إيحاء بأن يكون الدستور موضوعا مستبعدا في المناطق الصحراوية الجنوبية، فالصحراء الغربية المغربية جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، أحب من أحب وكره من كره "، وقال إن "من يحلم بإبعاد هؤلاء من الاستفتاء، فهو حلم تافه وعبث مطلق، ولا يمكن بأي وجه من الوجوه أن يسايره فيه أحد، لا من الشعب المغربي ولا من ساكنة الأقاليم الصحراوية الجنوبية". * ويكشف هذا التصريح الرسمي، الذي أوردته "قدس برس"، الأربعاء، وتناقلته وسائل الأعلام المغربية، حقيقة الموقف المغربي من النزاع، وأنه يستغل المفاوضات مع البوليساريو تحت المظلة الأممية لربح الوقت وحسب، معبرا عن استخفافه بالمجموعة الدولية، وهيئة الأممالمتحدة تحديدا، ضاربا عرض الحائط اللوائح الأممية التي لاتعترف أبدا بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية، شأنها شأن مجموع دول العالم، والمنظمات الأممية والإقليمية، بل بالعكس تعترف أكثر من 70 دولة بالجمهورية الصحراوية، وما المفوضات في حد ذاتها إلا اعتراف دولي ومغربي أيضا بالشعب الصحراوي وحقوقه. * كما حاول المسؤول المغربي، نفى هاجس جزء من النخبة السياسية في الجزائر، من بينهم رئيس حزب الحرية والعدالة، غير المعتمد، محمد السعيد، من ضبابية مضمون مشروع الدستور المغربي حول حدود المملكة المغربية، بالتنصيص الصريح على أن "الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة"، خاصة وأن نظام المخزن لم يصادق حتى الآن على الحدود الدولية الرسمية بين المغرب والجزائر، كما يجري ترديد أحاديث وبث تسريبات هنا وهناك بأن الجزائر "تحتل" أجزاء من التراب المغربي في إشارة إلى الحدود الموروثة عن الفترة الاستعمارية، والتي سال من أجلها دم الجزائريين، ورواها طيلة تواجد الاستعمار، ورفضوا التنازل عن شبر واحد في غمرة مفاوضات الاستقلال، وهو كلام غير مسؤول، لايخفي أطماع نظام المخزن القائمة على أوهام تاريخية، وتتجاهل تشكل العالم ونضالات الشعوب والمواثيق الأممية. * وقال الناصري، في سياق كلام عام، انه لا يوجد أي بعد توسعي عدائي في الدستور الجديد ضد الجزائر، واجتر موقف الرباط المتمسك باتحاد المغرب العربي، بل وراح يستعرض أهداف المشروع، وأضاف "بالنسبة لما يقوله بعض الإخوة الجزائريين، وأحمد الله أنه كلام مجاز، من أنه يوجد في النص الدستوري الجديد نبرة عدائية تجاه الجزائر، الذين يقولون هذا الكلام إما أنهم يضحكون على عقول الناس، أو أنهم يتكلمون بما لا يعلمون، فالدستور الجديد هو دستور للشعب المغربي، قوامه تثبيت الخيار الديمقراطي السلمي المتقدم والحداثي والمنفتح على المستقبل، وهو أداة لإصلاح البيت الداخلي المغربي". * وتابع ودون الحديث عن مضمونه بشأن حدود المملكة "نؤكد أن النص الدستوري واضح في إشارته الصريحة إلى أن بناء اتحاد المغرب العربي توجه استراتيجي لدينا، ولا يمكن النظر إلى الدستور أن فيه أي نبرة عدائية ضد أي من دول الجوار. المغرب دولة حضارية تريد بناء علاقات جوار صادقة مع الجميع ويدها ممدودة للأشقاء الجزائريين". * وكان محمد السعيد، مرشح رئاسيات 2009، ورئيس حزب الحرية والعدالة، غير المعتمد، أصدر بيانا سياسيا واستراتيجيا، السبت المنصرم، قال فيه ان مشروع الدستور المغربي السادس تضمن مادة في السياسة الخارجية تهم الجزائر كدولة جارة للمملكة وعضوا في اتحاد المغرب العربي، حيث أن" الفصل 42 من المشروع كرس استمرار تشبث النظام الملكي، كما في دستور1996، بسياسته التوسعية في المنطقة"، بالتنصيص الصريح على أن "الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة". * وأوضح بيان الحزب في قراءة موضوعية أن "المملكة غير قابلة بحدودها المعترف بها دوليا، وأنها مازالت أسيرة منطق البيعة الّذي تجاوزه الزمن"، ليتساءل" كيف يمكن للمغرب في هذه الحالة أن يوفق بين أطماعه وبين خيارها الاستراتيجي بالعمل في ذات الوقت، كما ورد في تصدير المشروع، على بناء الاتحاد المغاربي الذي يتألف من دول معروفة بحدود معترف بها دوليا ؟". * وقال البيان أن هذا الموقف يتناقض مع الشرعية الدولية التي لا تعرف في العالم سوى مثال واحد لدولة بلا حدود ثابتة ونهائية، وهو إسرائيل، الحالمة بكيان مساحته من النيل إلى الفرات، وتساءل عن المفارقة المغربية المستحيلة، "فبأي معجزة يمكن بناء فضاء سياسي واقتصادي مدمج إذا كان أحد الأعضاء لم يتخلص بعد من عقدة التوسع ويتمسك بالاحتلال العسكري للصحراء الغربية كاختيار لا رجعة عنه دون تمكين أصحاب الحق من حرية الاختيار؟". * ليصل محمد السعيد إلى أنه "غني عن البيان أنه لا يمكن الاطمئنان إلى جار مازالت تراوده أحلام استعادة المغرب الكبير الذي يمتد من تخوم نهر السنغال حتى الأندلس، ويمحو في طريقه من الخريطة دولا مستقلة ذات سيادة، ويهدد أجزاء من أراضي دول أخرى". * وقال ان "الإبقاء على عبارة "الحدود الحقة" في الدستور دون توضيح وتحديد مجالها، يؤكد الشكوك في صدق نوايا النظام المغربي تجاه جيرانه، ويعمق أزمة الثقة في المنطقة، وبالتالي يضيف عقبة أخرى في طريق إنجاز الاتحاد المغاربي، ويحرم شعوبه من فرصة جديدة للتلاقي والتعاون على مواجهة تحديات التنمية وبناء دول عصرية تحترم فيها الحريات وحقوق الإنسان".