ما أصعب أن نكتب عن أنفسنا، نحن الذين نكتب عن غيرنا. وهل غيرنا إلا نحن، وهل نحن إلا غيرنا! هكذا نلتحم ببعضنا البعض. قد يكون ذنبنا الوحيد، أننا نكتب وما دمنا نكتب تصبح الكتابة جريمتنا التي لا تغتفر!! إبراهيم قارعلي بالتأكيد! لا يتعلق الأمر بنا نحن في صحيفة "الشروق اليومي"، بل يتعلق الأمر بالجزائر، حيث تصبح هموم المواطنين اهتماماتنا. فهل كان يجب علينا أن نسكت ونحن نشم رائحة المؤامرة النتنة تنبعث من وراء حدود ترابنا المقدس، من أجل أن تتحوّل الجزائر إلى جزر لا تفصل غير الدماء بين جزيرة وأخرى. كلا.. إن الصمت يصبح خيانة عظمى في حق الوطن والشهداء الذين سقوا الجزائر بدمائهم الزكية الطاهرة، طهارة الملائكة والأنبياء! فما قيمة الحبر الذي نكتب به نحن الذين ننعم بالاستقلال والحرية إذا ما قارنا هذا المداد بالدماء التي سالت من أجل تحرير البلاد والعباد. بل إن دماء الشهداء تصبح مداد أقلامنا ونحن ندافع عن هذا الوطن الذي تركه الآباء من الشهداء أمانة في أعناق الأوفياء من الأبناء. هل كان من الصدفة! أن تحاكم صحيفة "الشروق اليومي" عشية ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المباركة، وهي التي سبق لها قبل سنوات أن جعلت من هذه الذكرى يوم مولدها، ليصبح عيد ميلادها مع كل ذكرى من هذه الذكريات المجيدة. هكذا نحن مع كل أول نوفمبر نولد مرتين، لأننا جزائريون قبل كل شيء، ولأننا شروقيون بعد ذلك. لاشك أن الاحتكام إلى العدالة سلوك في غاية التحضّر، وإذا ما كنا نشيد بالسلوك الحضاري الذي انتهجه الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي حين راح يرفع دعوى قضائية ضد صحيفة "الشروق اليومي"، فإن "الشروق اليومي" هذه الصحيفة الجزائرية يكفيها فخرا وشرفا أن يقاضيها رئيس دولة بحجم الجماهيرية الليبية العظمى، وتنتصر له العدالة الجزائرية التي تصدر أحكامها باسم الشعب الجزائري، نعم لقد انتصرت العدالة للرئيس على حساب المواطنين! يكفي صحيفة "الشروق اليومي" هذا الاعتزاز والكبرياء، أن تدان، لأنها دافعت عن الوحدة الترابية المقدسة والسيادة الوطنية الكاملة، والشعب الجزائري يحتفل بعيد استرجاعها. ولم تُدن باختلاس المال العام من البنوك من أجل إفلاس البلاد وتفقير العباد، ولم تدن بتهريب الحشيش والكوكايين من أجل تسميم أولاد الشعب وتمويل القتلى والمجرمين لزرع المزيد من القتل والتقتيل!! مثل هذه القضايا، كان لصحيفة "الشروق اليومي"، الفضل في إثارتها للرأي العام، لأننا نعتبر حق المواطنين في الإعلام واجبنا المقدس الذي لن نحيد عنه أبدا ولن يثنينا عنه أحد ولن نخاف من أحد، لأننا نمتلك الاحترافية والمهنية سلاحا نواجه به الأعداء قبل الخصوم. إننا نحن الذين احترقنا بنيران العشرية الحمراء، نرفض أن تعود الجزائر إلى الوراء، حيث كانت تقطع الأعناق، مثلما تقطع الأرزاق! نعلم جيدا، أن المستفيدين مما ألمّ بنا هم الذين أصبحت صحيفتنا الشروق، تقلقهم مع إشراقة كل صباح جديد، ولذلك لن تغرب الشروق حتى تشرق الشمس من الغرب!! ذلك أن الشروق لم تخلق إلا من أجل أن تشرق شمسها كل يوم على الجزائر.