مجرد تساؤلات "ربي يلطف بالجزائر " ..عبارة ستختصر أمنيات الجزائريين في العام الجديد الذي نتمناه عاما ليس ككل الأعوام، في ظل الأوضاع التي يعرفها البلد والتحولات التي يشهدها العالم، وكذا بالنظر للتخوفات التي تسكن كل واحد منا والقلق المشروع على مصير الوطن والشعب بكل فئاته ومؤسساته، وفي ظل هشاشة الوضع والتشاؤم الذي يطبع الكثير من النفوس على مستويات عدة، والذي نلمسه يوميا في تعاملات الناس وتفاعلهم مع التحولات والأحداث، وخوفهم من المستقبل، ونلمسه كذلك في غياب الابتسامة عن الوجوه وفي الإخفاقات المسجلة في كل الرياضات وعلى كل المستويات.. مع انقضاء سنة من أعمارنا وإشراقة شمس العام الجديد يتوقف كل واحد منا أيضا ليتأمل ويأمل، ويحلم ويطمح، ويتساءل عن السبيل إلى غد أفضل، وعن السبيل لتجاوز كل المحن، ويكرر التساؤل الموجع: ما العمل ليكون عامنا الجديد أحسن من سابقه؟ وما العمل لإعادة الأمل إلى النفوس وإعادة اللحمة بين أبنائنا وضمان مستقبل أفضل لهم ..؟ لو أننا نعترف بأخطائنا ونقائصنا، ونسلم بأننا فشلنا في الكثير من المجالات، ونصارح بعضنا البعض، ونبتعد عن المجاملات بيننا وتجاه المسؤولين لدخلنا السنة الجديدة بعقلية مغايرة ومعنويات مرتفعة تبعث الأمل في النفوس ! لو أن كل مسؤول فاشل يقرر الانسحاب وترك مكانه مع نهاية السنة، ثم تختفي الوجوه المستفزة عن الساحة لكانت سنة 2012 بداية لعهد جديد بنفس متجدد تعود به الطمأنينة والثقة المفقودة! لو يحال على التقاعد كل من بلغ سن الستين ويتم فسح المجال لجيل الاستقلال بمناسبة خمسينية الثورة ليقول كلمته ويعبر عن ذاته لأعطينا نفسا جديدا للجزائر، وقضينا على البطالة وعلى الجمود الذي يطبع العديد من الوزارات والمؤسسات والهيئات والجمعيات! لو أن القناعة تنزل على كل من نهب خيرات الوطن فتوقفه عن أفعاله وتقنعه بأنه أخذ ما يكفي وزيادة لزالت أسباب التذمر الحاصل اليوم في الأوساط الشعبية، وصفت النفوس وتحررت العقول! لو أننا نتوقف عن تكرار التجارب الفاشلة في منظومتنا الاجتماعية والتربوية، ونستقر على مشروع مجتمع يأخذ بعين الاعتبار كل المقومات والحساسيات لكانت سنة 2012 سنة الانطلاقة الفعلية نحو بناء دولة المؤسسات والقوانين، لا دولة الأشخاص وأصحاب المال والنفوذ! لو أننا نتخلص من الشرعية التاريخية والثورية، ومن الولاء للأشخاص ونتوجه نحو شرعية الكفاءة المهنية والالتزام والإخلاص للوطن، لما وجد الانتهازيون سبيلا إلى المؤسسات والهيئات التي يهيمنون عليها بتلك الصفات التي تجاوزها الزمن! لو أننا نتوجه بصدق نحو فتح السمعي البصري في 2012، وتخليص التلفزيون العمومي من الجمود والرداءة التي يتخبط فيها، وإعادته إلى جمهوره، وفسح المجال أمام المبدعين لتنوير الرأي العام وتثقيفه والترفيه عنه سيعود الجزائريون حتما إلى شاشتهم الأولى. لو أن كل واحد منا يتخلى عن أنانيته وحقده وكراهيته للآخر، ولو أننا نتخلص من الجهوية والمحسوبية وكل العقد والآفات، ومن الخوف الذي يسكن البعض، ستكون سنة 2012 بداية الانطلاقة نحو عهد جديد بنفس جديد.. لو أننا حفظنا الدروس مما حدث في تونس ومصر وليبيا ويحدث في اليمن وسوريا، ولو استعدنا شريط معاناتنا طيلة التسعينيات لما ترددنا في الذهاب إلى التغيير والإصلاح والتصحيح الفعلي والسلمي لنربح الوقت ونقتصد الجهد ونذهب إلى جمهورية ثانية جزائرية ديمقراطية، لا شرقية ولا غربية، يحكمها القانون ولا تقوم على نزوات الأشخاص وأهوائهم ! لوأن مؤسسات الأسرة والمدرسة والمسجد تلعب أدوارها، ولو أننا نستثمر في الموارد البشرية قبل المالية، ونخطط لجزائر 2050، ونتجاوز الحديث عن الأشخاص إلى الحديث عن المشروع، سنضمن الاستقرار والاطمئنان والأمن والأمان! لو أن كل واحد منا يبتسم في وجه أخيه ويتخلى عن الحقد والكراهية والحسد الذي يسكن قلبه، ونتجاوز تصفية الحسابات ونزيل الشكوك بين كل الحساسيات، فسندخل عهدا جديدا من الشفافية الضرورية للانطلاقة الفعلية نحو بناء مجتمع متوازن! لو أن كل واحد منا يقوم بواجبه فقط دون إفراط ولا تفريط وبكل وفاء وإخلاص لصارت الجزائر أجمل وأفضل مما هي عليه، لا يهرب منها أبناؤها، ولا يموتون في عرض البحر في طريقهم نحو المجهول.. لو أننا نتفق على مشروع مجتمع يجمعنا أكثر مما يفرقنا، ونتوقف عن تغيير القوانين كل مرة على المقاس ونؤسس لسياسة وطنية اقتصادية وثقافية ورياضية سنحقق المعجزات الصينية واليابانية والكورية مجتمعة وربما سنحقق أفضل منها بكثير، ولو أننا نتجاوز الحديث عن الماضي والتاريخ، ونتوجه نحو التفكير في مستقبل أبنائنا ستكون جزائر الألفية الثالثة مغايرة تماما لما عرفناه لغاية الآن! ومهما كان الحال وتخلفنا وترددنا و تراجعنا، فإن جزائر 2012 وما بعدها لن تكون كسابقاتها من السنوات، شئنا أم أبينا، بنا أو بدوننا ، لأن عجلة التاريخ تسير بسرعة ولا تعرف اتجاهها ومقصدها، وجيل اليوم لن يرضى بالجمود، ولن يرضى بالعيش خارج التاريخ، وخارج الزمن. derradjih@gmail.com