عندما نكتب ونتحدث ونكرر في كل مرة التذكير بالمشاكل والمتاعب والمصاعب اليومية التي يعاني منها شعبنا.. النساء والرجال والصغار والكبار، والغني والفقير والموظف والبطال والمثقف والجاهل والمريض والمعوق، والرياضي والسياسي، ونتحدث عن معاناة الشباب والمتقاعدين في المدن والأرياف، وغياب الوعي والكفاءة في معالجة الهموم الاجتماعية والمشاكل اليومية، ونقص الإمكانيات والمرافق الرياضية والثقافية التي تسمح بالتألق والتفتح، وعندما لا نجد صدى واستجابة لما نثيره في وسائل الإعلام وداخل الهيئات والمؤسسات، فإننا لن نستسلم ولن نسكت، ولن نخضع ولن نركع، لأننا نستحق أحسن مما نحن فيه، وسيكون حالنا أحسن بفضل قدراتنا ووعينا وصبرنا، وبفضل تفهم وتقبل الرجال في بعض المؤسسات لحاجتنا إلى التغيير، وإلى العيش في جزائر أحسن، وإدراكهم بأن بعض المناهج فشلت والسياسات تجاوزها الزمن، وبعض المسؤولين لا يقدرون على تحمل مسؤولية أسرهم فما بالكم بقيادة مؤسسات الدولة.. الأيام التي قضيتها في الجزائر بين أهلي وأبناء بلدي في الأيام الأخيرة وما سمعته وشاهدته وشعرت به من خلال تواصلي مع مختلف الفئات والأوساط والمناطق يزيدني إيمانا رفقة غيري بقدراتنا وطاقاتنا ورغبتنا في تغيير الذهنيات والممارسات وتغيير كل من أثبت فشله وعدم قدرته على مسايرة المستجدات، ويزيدني يقينا بأننا سنتوجه حتما نحو جزائر مغايرة يقودها رجال أوفياء وأكفاء، وفيها المزيد من الحريات، والكثير من فرص النجاح لكل الناس، وجزائر تستثمر في التنوع والثراء البشري والمادي والثقافي ولا تقصي من يختلف معنا ومن لا ينتمي إلى نفس منطقتنا وجهتنا! جزائر تحترم فيها الإرادة والسيادة الشعبية، وتصلح فيها المنظومة الصحية والتربوية والثقافية والرياضية، ويسودها العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، وجزائر تتجسد فيها التعددية السياسية والإعلامية الفعلية، وليس تعددية شكلية تخدم السلطان وتنسى الرعية، وجزائر تتوفر فيها المرافق الثقافية والرياضية التي تسمح لأبنائنا بالتفتح والتألق وممارسة هواياتهم، وتحقيق الانتصارات التي ترفع المعنويات. جزائر تتجسد فيها الوعود، ويجد الغني والفقير والصغير والكبير فيها أنفسهم، وتعود فيها الثقة إلى النفوس الحائرة، ويدرك فيها الرئيس والوزير والمدير بأنهم خدام وليسوا أسيادا على الوطن والشعب، وبأن عهد الشرعية التاريخية والثورية سينتهي لا محالة، والرزانة والحكمة والصبر ليست ضعفا أو خوفا، بل هي دليل قوة وعظمة ووطنية يتحلى بها الكثير.. إذا تحقق كل هذا وإذا تأخر وقوعه أو لم يتحقق كله سوف لن نسكت ولن نتوقف عن الكلام والكتابة ولن تستسلم الأجيال الصاعدة، كما أننا لن نثور ونخرب بيوتنا بأيدينا لأن ثورتنا التي نخوضها ضد الظلم الجهل والإقصاء والفساد وكل الآفات لم تتوقف حتى تبدأ، ولن تتوقف عن المطالبة بالجزائر التي ضحى من أجلها الأولون مثلما يحدث في مشاريع الإصلاحات التي فرضها الشعب بكل فئاته رغم التردد الحاصل في بعض المواقع التي ستستسلم لا محالة للإرادة الشعبية لأنها أقوى من كل قوي بعد الإرادة الإلهية .. وعي الناس وإدراكهم بأننا لسنا في المستوى المطلوب وصبرهم وثباتهم وحكمتهم وتعقلهم كلها بوادر لنضج لا مثيل له سيتجسد دون شك في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلتين وفي التحولات التي ستشهدها الجزائر دون شك في المستقبل القريب في كل المجالات.. وعندما نكتب ونتحدث وننتقد فإننا لا نهدف إلى تحطيم المعنويات وتكسير النوايا الحسنة والتشكيك فيها، بل إننا نسعى إلى إعادة الأمل إلى النفوس وتشجيعها على الصبر والثبات والاستمرار في الكفاح والنضال على كل المستويات، ونسعى إلى تذكير المترددين بأن شعبنا واع بما يحدث، ويدرك بأن أحواله ليست على ما يرام وبحاجة إلى نفس جديد، كما أن التاريخ لن يرحم كل متهاون وظالم وجاحد، وكل من يعتقد بأننا نخاف وسنستسلم يوما .. derradjih@gmail.com