محمد يعقوبي: [email protected] لأول مرة وآخر مرة يصبّ كوفي عنان غضبه على أمريكا والرئيس بوش، ففي آخر خطاب له كأمين عام للأمم المتحدة، قبل مغادرته منصبه، اختار عنان أن يوري للعالم حقيقة أمريكا وبوش ويعطيهما درسا في احترام حقوق الإنسان وفي معاملة الآخرين ولسنا ندري أين كان ضمير كوفي عنان وحرصه على الإنسانية قبل أن يخطف الكوري الجنوبي بان كيمون الأمانة العامة للأمم المتحدة؟ الحقيقة أن الأمناء العامين السابقين لهيأة الأممالمتحدة دائما كانوا يختمون عهدتهم على رأس هذه الهيأة بسب أمريكا وشتم رئيسها وقد كانوا من قبل يدينون لها وله بالمواقف والقرارات والخيارات التي تمس كل جنبات المعمورة، فلم يحدث أن قالت الأممالمتحدة "لا" لأمريكا حتى عندما تعلق الأمر بمظالم إنسانية واضحة كغزو أفغانستان والعراق ودعم الاجتياح الإسرائيلي للبنان، أما عندما يختار الأمريكان أمينا عاما جديدا للأمم المتحدة يتماشى مع خياراتهم الجديدة، فإن كل عيوبها تظهر على لسان من تنتهي مهامهم وتصبح أمريكا في نظرهم "شيطانا" متخفيا في ثوب إنسان، لقد رأينا ذلك مع عنان وقبله مع بطرس غالي الذي أمضته أمريكا على كل الخيارات المدمرة للبشرية، وعندما أحالته على التقاعد أصبحت في نظره دولة متسلطة تحكم بالفرد والتسلط وليس بالديمقراطية. لم تكن هيأة الأممالمتحدة في يوم من الأيام تمثل السواد الأعظم للبشرية أو تعبّر عنه ولم يكن أمناؤها العامون المتوالون في يوم من الأيام إفرازا طبيعيا لشعوب الأرض، ولذلك تعتبر الإستفاقات الاستثنائية لأمثال كوفي عنان مجرّد دليل آخر على أن هيأة الأممالمتحدة هي رأس من رؤوس تنين متوحش يضرب في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان ويحاول من حين إلى آخر أن يتبسم على أطلال الخراب ويذرف دموع التماسيح على مأساة الشعوب.