خلافا للموقف الرسمي في إسرائيل وتخوف قادتها من تداعيات التغيير القادم في مصر، تباينت الردود التي تضمنتها الصحف الإسرائيلية على اختلاف انتماءاتها السياسية أو آراء كتابها. ففي العديد من المقالات التي نشرت أمس الأحد، بات واضحا أن الصحافة الإسرائيلية تضع كلمة لكن في نهاية كل جملة تبدؤها بالحديث عن مشروعية المظاهرات والاحتجاجات المنادية بتغيير النظام في مصر تارة بالإشارة إلى الوضع الإقليمي وتارة بالإشارة إلى التطرف الديني. وتحت عنوان "الثورة آتية لا محالة في مصر"، يرى الكاتب الإسرائيلي رؤوبين ميران أن ما يجري في مصر حاليا ثورة على خلفية تعامي السلطة المستبدة عن مطالب الجماهير، منوها إلى أن "الانتفاضة الشعبية الوطنية التي تجري في مصر تثبت أنه لا يجب أن تكون اشتراكيا كي تثور على وضع اقتصادي واجتماعي وسياسي غير مقبول". لكن زميله حيزي شترنليخت كتب في نفس الصحيفة متسائلا ما إذا كانت الفوضى في مصر بدأت تعطي مؤشراتها على العلاقات مع إسرائيل عقب تفجير أنبوب الغاز في العريشبسيناء. وذكر الكاتب أن مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في إسرائيل أطلعوا مسؤولين إسرائيليين على آخر التطورات مطالبين بمساعدة أمنية واستخباراتية في حماية أنبوب الغاز في سيناء، وأن السلطات الإسرائيلية المعنية استجابت لهذا الطلب فعلا. بيد أن هذا الموقف والطمأنة المصرية باستئناف توريد الغاز قريبا لم يمنع الجهات المختصة في إسرائيل -كما يقول الكاتب- من وضع العديد من السيناريوهات المحتملة على خلفية التطورات الجارية في مصر ومنها زيادة المخزون الاحتياطي من الغاز الطبيعي، والتفكير بحلول بديلة لمواجهة احتمال وقف توريد الغاز المصري نهائيا إلى إسرائيل، والبحث عن مصادر أخرى. تخلي واشنطن عن مبارك رسالة سيئة إلى الحلفاء الآخرين في صحيفة هآرتس -التي تعرف بأنها أميل لليسار- أشار الكاتب تسفي برئيل إلى أن مصر برئاسة حسني مبارك كانت عامل استقرار وتوازن في الشرق الأوسط وبالتالي فإن تخلي واشنطن عن مبارك يعتبر رسالة سيئة إلى الحلفاء الآخرين في المنطقة. وأضاف الكاتب أن الثورة أمر رومانسي لكن ما يحدث في مصر يجب أن يثير الخوف لدى قراءة هذه التطورات على خلفية الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط. ويرى برئيل أن إبعاد مبارك بشكل مفاجئ دون نقل منظم للسلطة، يستغرق أطول من ما يطالب به المتظاهرون، سيجعل مصر مشغولة بوضعها الداخلي واستعطاف الآخرين من أجل التغلب على خسائرها الاقتصادية، مما يعني انتقال دورها إلى بلد آخر لقيادة المنطقة. ويختلف الكاتب ليفي جدعون مع هذه القراءة قائلا إن وقوف الولاياتالمتحدة إلى جانب المتظاهرين المعارضين للرئيس مبارك يخدم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ويساعد واشنطن على ترتيب الأوضاع في المنطقة. ويسخر جدعون من "الذعر الصامت" الذي يعتري واشنطن وتل أبيب، معتبرا أن نهاية الاستبداد في الشرق الأوسط ليست أمرا سيئا، ويذكر أنه على مرمى حجر من الإسرائيليين يوجد متظاهرون تطلق عليهم السلطات النار ويدهسهم المستوطنون، في إشارة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية. ويطالب جدعون بأن تقود الولاياتالمتحدة التغيير لمصلحة الشعوب في المنطقة لأن المصلحة الأمريكية والإسرائيلية تقتضي بأن لا تخرج الأمور عن السيطرة، وأن يدرك المسلمون والعرب في العالم كيف تعامل الولاياتالمتحدة حليفتها الأقوى. ولا يختلف الكاتب روعي تشيكي أراد مع جدعون في مقالة نشرتها هآرتس يقول فيها إنه لا داعي للخوف من تحول مصر إلى الديمقراطية حتى لو انضم الإخوان المسلمون إلى البنية السياسية. ويستشهد الكاتب بالوضع السياسي القائم في إسرائيل من خلال نظام علماني يضم في تركيبته الحكومية حزبا دينيا متطرفا مثل شاس وشخصية متشددة مثل وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. ويرى الكاتب أنه وعلى الرغم من الغضب العارم ضد السلوك الإسرائيلي في المنطقة لا يوجد أحد في مصر -سواء محمد البرادعي أو الإخوان المسلمون أو حتى الجيش- يطالب بإلغاء اتفاقية السلام القائمة مع إسرائيل.