أفاد وزير العدل حافظ الأختام، «الطيب بلعيز»، أن قرار إلغاء حالة الطوارئ جاء نتيجة طبيعية لعودة الاستقرار واستتباب الأمن في البلاد، مؤكدا أنه لم يعد هناك ما يُبرّر استمرار العمل بها بعد كل الذي تحقّق على الصعيد الأمني، فيما أوضح أنه طيلة مدة 19 عاما من سريان هذه الحالة الاستثنائية لم يثبت وجود أية عراقيل أو عوائق ضد الحريات الفردية أو الجماعية للجزائريين. قدّم وزير العدل حافظ الأختام أمس أمام أعضاء لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني عرضا مفصلا حول الأمر المتضمن إلغاء حالة الطوارئ والنصوص المكلمة له، دون أن يتوان في الدفاع عن الأسباب التي أدت إلى إقرارها أصلا في 9 فيفري 1992، حيث أوضح أن ذلك أملته ظروف مقتضيات مكافحة الإرهاب، كما أنها جاءت في سياق التدابير المتخذة من طرف الدولة للتصدي لهذه الظاهرة. ومن خلال شرحه المستفيض قال «الطيب بلعيز» إن «اعتماد تلك التشريعات لم يشكل عائقا لممارسة الحريات العامة والنشاط السياسي التعددي»، بل بالعكس «فقد وفّرت إطارا شرعيا جرت في ظله عملية مكافحة الإرهاب، وسمحت عملية تمديد حالة الطوارئ سنة 1993 بتحقيق كافة الأهداف المروجة من اعتمادها». وتابع المتحدث بالإشارة إلى أن استرجاع البلاد لعافيتها وتوفرها على ترسانة تشريعية متكاملة هي التي دفعت إلى إلغاء حالة الطوارئ، موضحا أن سريانها في ظل هذا الوضع لم يعد له أي مبرّر الآن، ليضيف في هذا الشأن «إن اعتماد حالة الطوارئ وكافة النصوص المتعلقة بمكافحة الإرهاب سمحت بفرض احترام النظام العام وضمان أمن الأشخاص والممتلكات كما أمّن السير الحسن للمصالح العمومية». وتوضيحا منه للتدابير المكلمة لقرار إنهاء العمل بحالة الطوارئ، برّر الوزير أمام أعضاء اللجنة في الجلسة التي قاطعها «الأرسيدي» إصدار أمر رئاسي آخر يتمم الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، بالقول: «إن هذا التعديل يأتي بغرض تكييف القانون الساري المفعول مع مقتضيات مكافحة الإرهاب»، وأن الأمر «يتكفل بصفة مباشرة ببعض الفئات من المتهمين الذين تستوجب حمايتهم بحكم المعلومات التي يحوزونها والتي من شأنها مساعدة العدالة في الكشف عن جرائم إرهابية خطيرة وتفادي ارتكابها». وبموجب مضمون مشروع القانون المتضمن الموافقة على الأمر الذي يتمم قانون الإجراءات الجزائية بمادة واحدة أساسية، تُتمم المادة 125 مكرر1، تقرّر إضافة حالة تاسعة في موضوع الرقابة القضائية، وهي تشير إلى أن «المكوث في إقامة محمية يعينها قاضي التحقيق، وعدم مغادرتها إلا بإذن هذا الأخير..ويكلف قاضي التحقيق ضباط الشرطة القضائية بمراقبة تنفيذ هذا الالتزام وبضمان حماية المتهم». وبحسب النصّ كذلك فإنه «لا يُأمر بهذا الالتزام إلا في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية تخريبية، ولمدة أقصاها ثلاثة أشهر، يُمكن تمديدها مرتين لمدة أقصاها ثلاثة أشهر في كل تمديد..ويتعرض كل من يفشي أي معلومة تتعلق بمكان تواجد الإقامة المحمية المعينة بموجب هذا التدبير للعقوبات المقررة لإفشاء سرية التحقيق»، كما يمنح التعديل الجديد في قانون الإجراءات الجزائية قاضي التحقيق حق إصدار قرار مسبب «يُضيف أو يعدل التزاما من الالتزامات المنصوص عليها سابقا». وبعد أن عرض مشروع القانون المتضمن الموافقة على الأمر رقم 11-03 المعدل والمتمم للقانون المتعلق بمساهمة الجيش الشعبي الوطني في مهام حماية الأمن العمومي خارج الحالات الاستثنائية، رهن «الطيب بلعيز» الوزير صدوره بما أسماه «ضرورة سدّ الفراغات» في نص القانون رقم 91-23 الصادر في 6 ديسمبر 1991، لافتا إلى أن القانون السابق حدّد الحالات التي يمكن فيها اللجوء إلى وحدات الجيش دون التنصيص على إمكانية ذلك في عمليات مكافحة الإرهاب والتخريب، وهو أمر لم يكن يطرح أي إشكال في إطار سريان حالة الطوارئ.